في حفلة اليوبيل الفضي لجريدة "السمير"
|
---------------
|
تلك السنون الغاربات ورائي
|
سفر كتبت حروفه بدمائي
|
ما عشتها لأعدّها بل عشتها
|
لتبين في سمائها سمائي
|
سيّلن لو أني قنعت بعدّها
|
عمري وعمر الصخرة الصماء
|
ولبذّني يوم التفاخر شاطىء
|
ما فيه غير رماله الخرساء
|
لا حت لي العلياء في آفاقها
|
فأردتها دربا ألى العلياء
|
ومحبة للخير تسري في دمي
|
ورعاية للضعف والضعفاء
|
وعبادة للحق أين وجدته
|
والحسن في الأحياء والأشياء
|
لتدور بعدي قصة عن عاشق
|
رقصت به الدنيا جناح ضياء
|
نشر الطيوب على دروب حياته
|
وسرى هوى في الطيب و الأنداء
|
وأطلّ في قلب البخيل سماحة
|
وشجاعة في السلم والهيجاء
|
ومشى ألى المظلوم بارق رحمة
|
وهوى على الظلام سوط بلاء
|
متعوّ دنيا قد طوت آبائي
|
وتهش دنيا أطلعت أبنائي
|
تلك السنون ببؤسها ونعيمها
|
مالت بعودي وانطوت بروائي
|
أين الشباب ألفّ أحلامي به
|
ليس الشباب الآن لي برداء
|
نفسي تحس كأنما أثقالها
|
قد خيرت فتخيرت أعضائي
|
كم من رؤى طلعت على جنباتها
|
ركبا من الأضواء و الأشذاء
|
قلبت فيها بعد لأي ناظري
|
فتعثرت عيناي بالأشلاء
|
يا للضحايا لا يرفّ لموتها
|
جفن ولا تحصى مع الشهداء
|
ودعت للذّات الخيال وعفتها
|
ورضيت أن أشقى مع الحكماء
|
فعرفت مثلهم بأني موخد
|
بؤسي،وأني خالق نعمائي
|
...
|
إني أراني بعد ما كابدته
|
كالفلك خارجة من لأنواء
|
وكسائح بلغ المدينة بعدما
|
ضلّ الطريق وتاه في البيداء
|
شكرا لأصحابي فلولا حبهم
|
لم أقترب من عالم اللألاء
|
بهم اقتحت العاصفات بمركي
|
وبهم عقدت على النجوم لوائي
|
...
|
شكرا لأعدائي فلولا عيشهم
|
لم أدر أنهمو الغوغاء
|
نهش الأسى لما ضحكت قلوبهم
|
عرس المحبة مأتم البغضاء
|
ذني إلى الحسّاد أني فتّهم
|
وتركهم يتعثرون ورائي
|
وخطيئتي الكبرى إليهم أنهم
|
قعدوا ولم أقعد على الغبراء
|
عفو المروءة والرجولة أنني
|
أخطأت حين حسبتهم نظرائي
|
...شكرا لكلّ فتى مزجت بروحه
|
روحي فطاب ولاؤه وولائي
|
من كان يحلم بالسماء فإني
|
في قلب إنسان وجدت سمائي
|
ليس الجمال هو بذاته
|
الحسن يوجد حين يوجد رآء
|
ما الكون؟ ما في الكون لولا آدم
|
إلا هباء عالق بهباء
|
وأبو البرية ما أبان وجوده
|
وأنتم غايته سوى حواء
|
إني سكبت الخمر حين سكبتها
|
للناس ، لا للأنجم الزهراء
|
لا تشرب الخمر النجوم وإن تكن
|
معصورة من أنفس الشعراء
|
...
|
تلك السنون ، عقيمها كولودها
|
حلو ليّ، كذا يشاء وفائي
|
فالليلة العسراء من عمري
|
وعمر الدهر مثل الليلة السمحاء
|
يا من يقول (ظلمت نفسك فاتئد(
|
دعني ، فلست بحامل أعبائي
|
إنّ الحياة الروح بعض عطائها
|
وأنا ثمار الروح كلّ عطائي
|
ما العمر؟ إان هو كالإناء وإنني
|
بالطيّب الغالي ملأت إنائي
|
فإذا بقيت ، فللجمال بقائي
|
وإذا فنيت ، ففي الجمال فنائي
|
...
|
للّه ما أحلى وأسنى ليلتي
|
هي في كتاب العمر كالطغراء
|
يا صحب لن أنسى جميل صنيعكم
|
حتى تفارق هيكلي حوبائي
|
وتقول عيني "قد فقدت ضيائي"
|
ويقول قلبي"قد فقدت رجائي"
|