زحزحت عن صدرها الغيم السماء
|
وأطلّ النور من كهف الشتاء
|
فالروابي حلل من سندس
|
والسواقي ثرثرات وغناء
|
رجع الصيف ابتساما وشذّى
|
فمتى يرجع للدنيا الصفاء؟
|
فأرى الفردوس في كلّ حمى
|
ورأى الناس جميعا سعداء
|
زالت الحرب وولت إنما
|
ليس للذعر من الحرب انقضاء
|
إن صحوتا فأحاديث الوغى
|
في الحمى الآهل والأرض العراء
|
وإذا نمنا تراءت في الكرى
|
صور الهول وأشباح الفناء
|
فهي في الأوراق حبر هائج
|
وعلى ((الراديو)) فحيح الكهرباء
|
نتقي في يومنا شرّ غد
|
وإذا الصبح انطوى خفنا المساء
|
عجبا ! والحرب باب للردى
|
وطريق لدمار وعفاء
|
كيف يهواها بنو الناس فهل
|
كرهوا في هذه الدنيا البقاء؟
|
إن يكن علم الورى يشقيهم
|
يا إآلهي ردّ للناس الغباء
|
وليجىء طوفان نوح قياما
|
تغرق الأرض بطوفان الدماء
|
واعصم الأسرار واحجب كنهها
|
عن ذوي العلم وأرباب الذكاء
|
فلقد أكثرت أسباب الأذى
|
عندما أكثرت فينا العلماء
|
كم وجدنا آفة مهلكة
|
كلما زحزحت عن سر غطاء؟
|
قد ترقى الخلق لكن لم تزل
|
شرعة الغابة شرع الأقوياء
|
حرم القتل، ولكن عندهم
|
أهون الأشياء قتل الضعفاء
|
لا تقل لي هكذا اللّه قضى
|
أنت لا تعرف أسرار القضاء
|
جاءني بالماء أروي ظمأي
|
صاحب لي من صحابي الأوفياء
|
يا صديقي جنّب الماء فمي
|
عطش الأرواح لا يروي بماء
|
أنا لا أشتاق كاسات الطّلالا،
|
ولا أطلب مجدا أو ثراء
|
إنما شوقي إلى دنيا رضى
|
وإلى عصر سلام وإخاء
|
لا تعدني بالسما ، يا صاحبي
|
ألسما عندي قرب الأصدقاء
|
وأراني الآن في أكفانهم
|
فأنا الآن كأني في السماء!
|