) في يوم من أيام الصيف الشديد الحر كان الشاعر جالسا مع بعض اصحاب له أمام داره فهبت ريح شديد اثارت الغبار و عقدته في الفضاء كالسرادق . و كان في مشهد الغبار ما حمله على التفكير فنظم القصيدة التاليه :(
|
--------------
|
من أين جئت ؟ و كيف عجت ببابي ؟
|
يا موكب الأجيال و الأحقاب
|
من القبور ؟ فكيف من حلّو بها
|
أهناك ذو ألم و ذو تطراب ؟
|
و لهم صبابات لنا ؟ أم غودروا
|
في بلقع ما فيه غير خراب ؟
|
***
|
أمررت بالأعشاب في تلك الرّبى
|
و ذكرت أننك كنت في الأعشاب
|
حول الصخور النائمات على الثرى
|
و على حوااشي الجدول المنساب
|
و على م تصعد كالسحابة في الفضا
|
و إلى التراب مصير كلّ سحاب
|
لما طلعت على الشعاع كوزّعا
|
مترجرجا كخواطر المرتاب
|
و ذهبت في عرض الفضاء كخيمة
|
رفعت بلا عمد و لا أطناب
|
قال الصحاب لي : و تراكضوا
|
للذعر يعتصمون بالأبواب
|
و هب اتقيتك بالحجاب فإنّني
|
لا بدّ خالعة و أنت حجابي
|
كم سارح في غابة عند الضحى
|
جاء المساء فكان بعض الغاب
|
و مصفق للخمر في أكوابه
|
طربا ، و طيف الموت في الأكواب
|
أنا لو رأيت بك القذى ، محض القذى ،
|
لسترت وجهي عنك مثل صحابي
|
لكن شهدت شبيبة ، و كهزلة ،
|
و منى ، و أحلاما بغير حساب
|
و الشاربين بكلّ كأس ، و الألى
|
عاشوا على ظمأ لكلّ شراب
|
و الضاربين بكلّ سيف في الوغى ،
|
و الخانعين لكلّ ذي قرضاب
|
و الصارفين العمر في سوق الهوى
|
و الصارفين العمر في المحراب
|
و الغيد بين جميلة و دميمة
|
و العاشقين - الصّب و المتصابي
|
و العبد في أغلاله و حباله
|
و الملك في الديباج و الأطياب
|
آبوا جميعا في طريق واحد
|
الخاسر المسبّي مثل السابي
|
فضحكت من حرصي على ملك الصبا
|
و عجبت كيف مضى عليه شبابي
|
ووقعت أنت على تراب ضاحك
|
لما وقعت عليّ في جلبابي
|
و كذاك أشواق التراب مآلها
|
و لئن تقادم عهدها لتراب
|