ليطرب من شاء أن يطربا
|
فلست بمستمطر خلّبا
|
عرفت الزمان قريب الأذى
|
فصرت إلى خوفه أقربا
|
و هذا الجديد أبوه القديم
|
و لا تلد الحيّة الأرنبا
|
أرى الكون يرمقه ضاحكا
|
كمن راء تيه كوكبا
|
و لو علم الخلق ما عنده
|
أهلّوا إلى الله كي يغربا
|
و لو علم العيد ما عندهم
|
أبى أن يمزّق عنه الخبا
|
ألا لا يغرّك تهليهم
|
و قولتهم لك يا مرحبا
|
فقد لبّسوك لكي يخلعوك
|
كما تخلع القدم الجوربا
|
و لوعون بالغدر من طبعهم
|
فمن لم يكن غادرا جرّبا
|
و كائن فتى هزّني قوله
|
أنا خدنك الصّادق المجتبى
|
أرافق من شكله ضيغما
|
يرافق من نفسه ثعلبا
|
هم القوم أصحبهم مكرها
|
كما يصحب القمر الغيهبا
|
أراني أوحد من ناسك
|
على أنّني في عداد الدبى
|
و أمرح في بلد عامر
|
و أحسبني قاطنا سبسبا
|
و قال خليلي : الهناء القصور
|
ىو كيف و قد ملئت أذؤبا
|
ألفت الهموم فلو أنّني
|
قدرت تمنّعت أن أطربا
|
كأنّ الجبال على كاهلي
|
كأنّ سروري أن أغضبا
|
و كيف ارتياح أخي غربة
|
يصاحب من همه عقربا
|
عتبت على الدهر لو أنّني
|
أمنت فؤادي أن يعتبا
|
******
|
و جدتك و الشّيب في مفرقي
|
وودّعني و أخوك الصّبي
|
فليس بكائي عاما خلا
|
و لكن شبابي الذي غيّبا
|
فيا فرحا بمجيء السنين
|
تجيء السنون لكي تذهبا
|
عجيب مشيبي قلب الأوان
|
و أعجب أن لا أرى أشيبا
|
فإنّ نوائب عاركتها
|
تردّ فتى العشر محدودبا
|
ويا بنت " كولمب " كم تضحكين
|
كأنّك أبصرت مستغربا
|
أليس البياض الذي تكرهين
|
يحبّبني ثغرك الأشنبا
|
فمن كان يكره إشراقه
|
فإنّي أكره أن يخضبا
|
أحبّك يا أيّها المستنير
|
و إن تك أشمتّ بي الرّبربا
|
و أهوى لأجلك لمع البروق
|
و أعشق فيك أقاح الرّبى
|
******
|
و يا عام هل جئتنا محرما
|
فنرجوك أم جئتنا محربا
|
تولّى أخوك وقد هاجها
|
أقلّ سلاح بنيها الظبى
|
يجندل فيها الخميس الخميس
|
و يصطرع المقنب المقنبا
|
إذا ارتفع الطرف في جوّها
|
رأى من عجاجتها هيدبا
|
وجيّاشه برقها رعدها
|
تدكّ من الشّاهق المنكبا
|
يسير بها الجند محموله
|
قضاء على عجل ركبا
|
يودّ الفتى أنّه هارب
|
و يمنعه الخوف أن يهربا
|
و كيف النجاة و مقذوفها
|
و يطول من الشرق من غرّبا ؟
|
و لو أنّه فلو أنّ تهتانها
|
حيا أنبت القاحل المجدبا
|
فما المنجنيق و أحجاره
|
و ما الماضيات الرقاق الشبا ؟
|
******
|
أإن شكت الأرض حرّ الصّدى
|
سقاها النجيع الورى صيّبا
|
فيا للحروب و أهوالها
|
أما حان يا قوم أن تشجبا
|
هو الموت آت على رغمكم
|
فألقوا المسدّس و الأشطبا
|
و للخالق الملك و المالكون
|
فلا تتبعوا فيكم أشعبا
|
******
|
و لم أنس مصرع " تيتانيك "
|
و مصرعنا يوم طار النبا
|
فمن شدّة الهول في صدقه
|
رغبنا إلى " البرق " أن يكذبا
|
ليالي لا نستطيب الكرى
|
و لا نجد الماء مستعذبا
|
و بات فؤادي ، به صدعها
|
و بتّ أحاذر أن يرأبا
|
و لي ناظر غرق مثلها
|
من الدّمع بالبحر مستوثبا
|
إذا ما تذكرتها هجت بي
|
أسى تتّقيه الحشا مخلبا
|
فأمسي على كبدي راحتي
|
أخاف مع الدّمع أن تسربا
|
خطوب يراها الورى مثلها
|
لذلك أشفق أن تكتبا
|
******
|
لقد نكب الشّرق نكباته
|
و حاول أن ينكب المغربا
|
و أشقى نفوس بني آدم
|
ليرضى السّراحين و الأعقبا
|
و لو جاز بين الضّحى و الدجى
|
لقاتل فيه الضّحى الغيهبا
|
لعلّلك تمحو جناياته
|
فننسى بك الذّنب و المذنبا
|
إذا كنت لا تستطيع الخلود
|
فعش بيننا أثرا طيّبا
|
فإنّك في إثره راحل
|
مشيت السّواك أو الهيدبى
|