في رثاء العلامة المرحوم سليمان البستاني
|
كلّ ميت مهما علا في حياتة
|
كلّ ثاو تحت الثرى من لداته
|
لا حدود ولا مقاييس في الموت
|
تساوى الجميع في ساحاتة
|
حاصد حقله الوجود ، وما الأحياء
|
إلاّ كشوكة ونباته
|
من نجا منه وهو في روحاته
|
إنما قد نجا إلى غدواته
|
ليس زرع الغصّات منه الثأر
|
ليس حصد اللذات من لذّاته
|
إنه يسلب الغواية كالرشد،
|
فليس التمييز من عاداته
|
لا تقل : ما وراؤه؟ ذاك سر
|
خبأته الحياة في ظلماته
|
ربّ قبر نمشي عليه وفيه
|
شهوات تربي على ذراته
|
كلّ ذي رغبة دنت أو تسامت
|
سوف يمضي يوما بلا رغباته
|
ليس عمر الفتى وإن طال إلاّ
|
ما حوته الحياة من مكرماته
|
يعظ النابغ الخلائق حيّا
|
إنما موته أجلّ عظاته
|
ظهر الموت للعيون جديدا
|
أمس في بطشه وفي فتكاته
|
وهو ترب الإنسان منذ استوى في
|
الأرض حيا مشى على خطواته
|
ما الردى بالحديث في الناس لكن
|
نكتة العلم ضاعفت روعاته
|
فقد الخلق واحدا من بيته
|
وأضاع القريض خير حماته
|
شاعر، كان يرقض الدهر أحيانا ،
|
ويبكي حينا على نغماته
|
ذهب الساحرون والسحر باق
|
في عيون المهى وفي كلماته
|
منشىء رقّ لفظه كسجاياه
|
ورقّ الجمال في جنباته
|
توّج ((الضاد)) بالملاحة حتى
|
خالها القوم بعض مخترعاته
|
نقل الأعصر الخوالي إلينا
|
في كتاب ، للّه من معجزاته
|
فرأينا ((هومير)) ينشد فينا
|
شعره مثل واحد من رواته
|
كان في دولة السيوف وزيرا
|
أبمعيا، ودولة في ذاته
|
ما بكينا الرفات لّما بكينا
|
كم رفات في الأرض مثل رفاته
|
بل بكينا لأننا قد حرمنا
|
بالمنون المزيد من آياته
|
راعنا أنّ يزول عنّا ، وإنّا
|
لم نطق أن نطيل حبل حياته
|
قد أردنا حمل البشائر للعلم
|
فكنّا لأهله من نعاته
|
إنّ في ((مصر)) والشآم دويّا
|
ما سمعنا قبل يوم وفاته
|
وأحسّ ((العراق)) حين أتاه
|
النعي طعم الرّدى بماء فراته
|
و((بلبنان)) رجفة تتمشى
|
في ينابيعه وفي نسماته
|
فتّح الموت حين أغمض عينيه
|
عيون الورى على حسناته
|
فهو ماض له جلاله آت
|
من فتوحاته ومن غزواته
|
والفتى العبقريّ يولد إذ يولد
|
في مهده، ويوم مماته
|