رثى بها فقيد المنابر الطيب الذكر المغفور له مصطفى باشا كامل.
|
.............
|
بكيت ولكن بالدموع السخينة
|
وما نفذت حتى بكيت بمهجتي
|
على كامل الأخلاق والنّدب مصطفى
|
فقد كان زين العقل زين الفتوّة
|
نعاه لنا الناعي فكادت بنا الدّنى
|
تميد لّهول الخطب خطب المروءة
|
وذابت قلوب العالمين تلهّفا
|
وسالت دموع الحزن من كلّ مقلة
|
أجل قد قضى في مصر أعظم كاتب
|
فخلّف في الأكباد أعظم حسرة
|
ولو كان يفدى بالنفوس من الرّدى
|
جعلنا فداه كلّ نفس أبية
|
فتى مات غضّ العمر لم يعرف الخنا
|
ولم ينطوي في نفسه حبّ ريبة
|
وقد كان مقداما جريئا ولم يكن
|
ليغي الرّدى غير النفوس الجريئة
|
وكان جوادا لا يضنّ بحاجة
|
لذلك أعطى روحه للمنّية
|
سلام على مصر الأسيفة بعده
|
فقد أودعت آماله جوف حفرة
|
خطيب بلاد النيل مالك ساكنا
|
وقد كنت تلقي خطبة إثر خطبة؟
|
تطاولت الأعناق حتى اشرأبّت
|
فهل أنت مسديها ولو بعض لفظة؟
|
نعم كنت لولا الموت فارج كربها
|
فيا للرّدى من غاشم متعنّت
|
تفطّرت الأكباد حزنا كأنّما
|
مماتك سهم حلّ في كلّ مجة
|
وما حزنت أم لفقد وحيدها
|
بأعظم من حزني عليك ولوعتي
|
تناديك مصر الآن يا خير راحل
|
ويا خير من يرجى لدفع الملّمة
|
عهدتك تأبى دعوة غير دعوتي
|
فمالك تأبى( مصطفى) كلّ دعوة؟
|
فقد تك ريانا فيا طول لهفتي
|
لقد كنت سيفي في الخطوب وجنّتي
|
أجل طالما دافعت عن مصر مثلما
|
يدافع عن مأواه نحل الخليّة
|
فأيقظها من رقدة بعد رقدة
|
وأنهضتها من كبوة تلو كبوة
|
وقوّيت في أبنائها الحبّ نحوها
|
وكنت لهم في ذاك أفضل قدوة
|
رفعت لواء الحقّ فوق ربوعها
|
فضم إليه كلّ ذي وطنيّة
|
لئن تك أترعت القلوب محبة
|
فإنّك لم تخلق لغير المحبّة
|
فنم آمنا وفيت قومك قسطهم
|
فيا طالما ناموا وأنت بيقظة
|
سيبقي لك التاريخ ذكرا مخلدا
|
فقد كنت خير الناس في خير أمّة
|
عليك من الرّحمن ألف تحية
|
ومن أرض مصر ألف ألف تحيّة
|