رعى الله مغنى بالعذيب ومعهدا
|
غنمنا به الأوطار مثنى وموحدا
|
مراتع آرام وردنا بها المنى
|
على حين لم يطرق لنا الدهر موردا
|
نغازل من غزلانها كل آنس
|
ونهصر من أغصانها كل أملدا
|
ونرشف للأفواه جاماً ممسكاً
|
ونلثم للجامات ثغرا منضدا
|
أويقات أعطاف الشبيبة غضة
|
على نسمات اللهو مالت تأودا
|
وقد غفلت عنا الخطوب بليلها
|
وقدماً عهدنا حادث الدهر أرودا
|
أأحبابنا هل أورق الرند بعدنا
|
وهل أفرشتكم روضة البان مقعدا
|
وهل مر للمشتاق ذكر بحيكم
|
فما زال ذكر الحي عندي مرددا
|
ليهنئكم أن طاعكم بعدنا الكرى
|
فمذ بينكم لم نوطىء الجنب مرقدا
|
ولا زارنا الصبر الجميل فليتكم
|
أمام النوى شاطر تمونا التجلدا
|
أطعت بكم داعي التهتك ذاهباً
|
بنفسي وخالفت العذول المفندا
|
وإني لأهوى منكم الظرف والوفا
|
ولم أهو أعطافاً وخداً موردا
|
وبي جيرة ما بي من الوجد عندهم
|
وأن بت أحيي بالسري ليل أنقدا
|
وربع هو الدنيا لدي وقلما
|
ترى الشمل في دنياك إلا مبددا
|
تقطع حبل الوصل منا ومنهم
|
سوى شجن الذكرى أقام وأقعدا
|
وما يعدم الإنسان في الأرض صحبة
|
ولكن بعض الصحب أدنى إلى العدى
|
فما أكثر الألاف في كل بلدة
|
وأكثر قول الزور ممن توددا
|
وفي الحب ما قد كان رائدة المنى
|
فما الحب إلا ما أتاك مجردا
|
وفي الناس من تدعو سجاياه للهوى
|
فيغدو عليها كل قلب مقيدا
|
تبارك من بث الشمائل في الورى
|
فميزهم بعد التساوي وأفردا
|
وخص بأسناها النسيب فلم يزل
|
إذا ذكرت أهل المناقب أوحدا
|
كريم تبدي من كرام مناصب
|
لذاك تسمى بالنسيب فما اعتدى
|
جميل الثنا يستغرق المدح وصفه
|
كما استغرق الألفاظ أحرف أبجدا
|
تناول إرث المجد قبل رضاعه
|
وصاحب ترب المجد طفلاً وأمردا
|
وجد على إثر الذين تقدموا
|
بهمة طلاع الثنيات اصيدا
|
فداس طريق المكرمات ممهداً
|
وداس إلى العليا عقاباً وأنجدا
|
كذلك من رام المعالي فإنه
|
يشق إليها في ذرى الخطب مصعدا
|
أحد رجال العقد ذهنا ونظرة
|
وأصدقهم في الأمر رأياً ومشهدا
|
وأبعدهم جرياً إلى كل غاية
|
وأطولهم في كل مكرمة يدا
|
كفاه سيوف الهند في كل غمرة
|
له سيف آراء يفل المهندا
|
وهمة ندب خشن الدهر حدها
|
وقد غادرت ناب الحوادث أدردا
|
نقي ثياب العرض طاب ثناؤه
|
كما طاب أخلاقاً ونفساً ومحتدا
|
رصانة خلق كالجبال توقرت
|
فلو خالطت بحراً لما جاش مزبدا
|
وعفة نفس لو ثوت قلب عاشق
|
لما بات مجهوداً يعاني التسهدا
|
إذا اجتمعت أهل المعالي فإنما
|
له الرتبة الأولى لدى كل منتدى
|
فلا بدع أن وافته من فيض نعمة
|
أقرته في أهل المراتب سيدا
|
حباه بها عبد الحميد تفضلاً
|
فكان كروض الحزن باكره الندى
|
حباء أتاه ناطقاً بمكانه
|
فلو كان ممن ينشد المدح أنشدا
|
ومثل نسيب أهل كل مزية
|
يزيد بها فخراً ويعتز سؤددا
|
هو العلم العالي بلبنان والذي
|
يشار إليه بالبنان إذا بدا
|
من الجنبلاطيين من شم معشر
|
بنوا شرفات المجد بالبأس والندى
|
لهم حسب المجد القديم وفوقه
|
لهم حسب في كل يوم تجددا
|
فما منهم إلا أغر مسود
|
أتى وارثاً منهم أغر مسودا
|
دعائم بيت شيد العز ركنه
|
فحجته أخياف المطالب سجدا
|
تؤممه وفد القوافي قوافلاً
|
فتهدى لمغناه وان كن شردا
|
ودونكها من آل عيسى خريدة
|
تطاول بالابداع معجز أحمدا
|
لقد سفرت والليل أرخى سدوله
|
فلم تبد إلاها الدجنة فرقدا
|
إذا انطلقت لم تأو بعد انطلاقها
|
جداراً معلى أو طرافاً ممددا
|
وحسبي منك الود فضلاً ومفخراً
|
مدى الدهر وأسلم فهو أكرم مجتدى
|