بدّدت يا قيثارتي أنغامي |
و نسيت لحن صبابتي و غرامي |
مرّت ليل كنت مؤنستي بها |
و عزاء نفس جمّت الآلام |
تروين من طرب الصّبا و حنينه |
و تذهبّين حواشي الأحلام |
كالبلبل الشّاكي رويت صبابتي |
لحنا تمشّى في دمي و عظامي |
أنشودة الوادي و لحن شبابه |
ذابت على صدر الغدير الطّامي |
شاق الطّبيعة من قديم ملاحني |
أصداؤك الحيرى على الآكام |
و شجا البحيرة و استخفّ ضفافها |
لحن كفئر موجها المترامي |
ياربّة الألحان غنّي و ابعثي |
من كل ماض عائر الأيّام |
هل من نشيدك ما يجدد لي الصّبا |
و يعيد لمحة ثغره البسّام |
و يصوّر الأحلام فتنة شاعر |
توحي الخيال لريشة الرّسّام |
وادي الهوى ولّت بشاشة دهره |
و خلت مغانيه من الآرام |
طارت صوادحه و جفّ غديره |
و ذوى بشطّيه النّضير النامي |
و اعتاض بهمس النّسيم بعاصف |
داو يشقّ جوانب الأظلام |
و هو الصّدى الحاكي لضائع صرختي |
و صداك بين الغور و الآكام |
قد كن ألاّفي و نزهة خاطري |
و سماء وحي الشّعر و الإلهام |
مالي بهنّ سكتن عن آلامي؟ |
أنسين عهد مودّتي و ذمامي ؟ |
يا ربّة الألحن هل من رجعة |
لقديم لحنك أو قديم هيامي؟ |
فاروي أغانيّ القدامى ، و انفثي |
في اللّيل من نفثات فلبي الدّامي |
علّ الذي غنيت عرش جماله |
و طفقت أرقب أفقه المتسامي |
تشجيه ألحاني فيسعدني به |
طيف يضنّ عليّ بالإلمام |
مالي أراك جمدت بين أناملي |
و عصيت أنّاتي و دنعي و إلهامي |
خرساء لا تتلو النّشيد و لا تعي |
سرّ الغناء و لا تعيد كلامي |
يغري الكآبة بي و يكسف خاطري |
أنّي أراك حبيسة الأنغام |