صخرة لا تجل في الكائنات |
غشيها جلالة الآبدات |
جاورتها الصحراء تستشرف اليمّ |
و قرّ المحيط جنب الفلاوة |
أبديّان قد أفاءا إليها |
لم تجمّعها يد الحادثات |
و جدا الملتقى عليها فقرّا |
بعد آباد فرقة و شتات |
ليلة غوّرت بها الأنجم الزهـ |
ـر و أضفت سوادف الظّلمات |
لو تلفّتّ في دجاها لراعتـ |
ـك خوالي الأبراج و الهالات |
و كأنّ الزّمان خالجه الرّو |
ع ولجّ الوجود في الشّبهات |
و كأنّ الوجود لم يحو إلاّ |
ذلك الصّخر رائع الجنبات |
عقدة الإتّصال بين جلاليـ |
ـن أجدّا به وثيق الصّلات |
برزخ تعبر اللّيالي عليه |
بين عبرين من بلى و حياة |
ركزتها الآباد بينهما رمـ |
ـزا على صولة الدّهور العواتي |
فأقامت تسر للفقر و اليمّ |
أحاديث أعصر خاليات |
و احتوت سرّ كائنين كأن لم |
يبعثا سيرة مع الكائنات |
و كشفت لي الصّحراء من دوّها الوا |
سع ما لا تحدّه نظراتي |
و بساطا من الرّمال تراءى |
ككتاب مموّه الصّفحات |
هو مهد السّحر الخفيّ و مثوى |
ما تجنّ الصّحراء من معجزات |
ربّ ليل مكوكب خطرت فيـ |
ـه الدّراري و ضيئة القسمات |
و رمى البدر بالأشعّة تبدو |
فوق وجه الرّمال منعكسات |
و سرت نسمة من اللّيل حيرى |
و غناء الصّوادح الطّائرات |
فإذا اللّيل روعة و جلال |
و إذا القفر غرق في سبات |
غير ذاك الغريب في تيهه النّا |
ئي كئيب الفؤاد و النّظرات |
أرّقته صبابة حملتها |
نفسه من ربوعه النّائيات |
قد شجاه هوى اقتحام الصّحارى |
و الصّحارى مثارة الصّبوات |
ربّ ناء مدّت إليه هواها |
فهوى في شراكها القاتلات |
يقطع الدّو باردات اللّيالي |
و يجوب الحزون ملتهبات |
قتلته سمومها و براه |
ظمأ من عيونها المجدبات |
حرمته الصّحراء ظلاّ و ريفا |
في حواشي واحاتها النّضرات |
فسل القفر هل له فيه قبر |
ضمّ من جسمه نحيل رفات؟ |
أترى غير أعظم نخرات |
في ثنايا الرّمال منتثرات؟ |
*** |
|
صحراء الحياة كم همت فيها |
شارد الفكر تائه الخطوات |
سرت فيها وحدي و قد حطم المقـ |
ـدار في جنح ليلها مشكاتي |
و لكم أرمد الهجير جفوني |
و رمتني الحرور باللّفحات |
لم أجد لي في واحة العيش ظلاّ |
أو غدير يبلّ حرّ لهاتي |
أسفا للحياة أصلى لظاها |
و أراها و ريفة العذبات |
بعدت عني الحقيقة فيها |
و أضلّت مسعاي للغايات |
كلّما هاجت الرّياح صراخي |
هدّجت في هزيمها صرخاتي |
غير ذاك الصّخر العتيد الذي ضجّ |
عليه العباب من أنّاتي |
ظلّلتني ذراه منفرد النّفـ |
ـس أبثّ المحيط حرّ شكاتي |
*** |
|
أنا فوق المحيط كالطّائر التّا |
ئه يعلو موائج اللجّات |
ناشرا فوق عرضه من جنا |
حيّ ظلال الهموم و الحسرات |
ممعنا في سمائه أتغّنى |
بنشي الخلود من صدحاتي |
للإله العظيم من لجّه السّا |
كن أتلو الجميل من صلواتي |
و أناجيه طائرا رفّ في اللّيل |
يغنّي خمائل الجنّات |
*** |
|
صخرة الملتقى أتيتك بعد الأ |
ين أشكو من الحياة أذاتي |
أنا ذاك الشادي الذي نسلت ريـ |
ـش جناحيه هبّة العاصفات |
أنا ذاك الشّريد في صحراء الـ |
ـعيش ضلّ السّبيل في الفلوات |
في ثراها الغبيّ و سّدت أحلا |
مي و ماضي الهنيّ من أوقاتي |
أنا قيثارة جفتها اللّيالي |
من زوايا النّسيان و الغفلات |
و أرثّت أوتارها فهي تبكي |
من شجاها حبيسة النّغمات |
أنا طيف الماضي على صخره الآ |
باد ، أستشرف الزّمان الآتي |
و ورائي الصّحراء وادي المنايا |
و أمامي المحيط لجّ الحياة |
بين عبريهما ثوت غرّ أياّ |
مي و حال الوضيء من ليلاتي |
لا أسمّيك صخرة الملتقى لـ |
ـكن أسّميك صخرة المأساة !! |