هو ليل من الغياهب ضافي
|
و أديم في لجّة الثّلج طافي
|
و بحار إن ردتها لم تجد غيـ
|
ـر جليد من لجّة و ضفاف
|
وجبال من الثّلوج تدجّى
|
رائعات السّفوح و الأعراف
|
و صحارى لا ينتهي الرّكب فيها
|
عند صخر أو واحة مئناف
|
و طن الزّمهرير و الثّلج لا القيـ
|
ـظ و لا كدرة الرّمال السّوافي
|
و هي مغدى السّفين و الدّبّ لا مغـ
|
ـدى نياق الفلا، و ذئب الفياقي
|
عالم كلّه سكون و صمت
|
مترامي الحدود و الأطراف
|
لا ترى للنّهار و اللّيل في وا
|
ديه يوما من دورة و اختلاف
|
أو تحسّ الأرواح قصف الرّياح الـ
|
ـهوج فيه أو هدرة الرّجّاف
|
لا اصطفاق الغصون ، لا هذر الطيـ
|
ـر ، و لا أنّة النّمير الصافي
|
عريت أرضه من العشب الأ خـ
|
ـضر و الدّوح سابغ الألياف
|
قف بهذا الوادي الرّهيب و حدّق
|
فيه و اللّيل مؤذن بانتصاف
|
و انظر الشّمس في الغياهب صفرا
|
ء تهادى في رائع الأفواف
|
يغمر الكائنات منها شعاعا
|
مرسل من غلالة الرّوع ضافي
|
يحب النّاظرون في الأفق منه
|
حمرة الورس أو مزيج السّلاف
|
وهو غيب مستحب دون مرآ
|
ه اقتحام الرّدى و رنق الذّعاف
|
***
|
حدّثيني يا شمس منتصف اللّيـ
|
ـل قليس الحديث عنك بخاف!
|
أيّ أفق من عالم الأرض هذا
|
شاحب اللّون باهت الأكناف ؟
|
فيه من صفرة الفناء و فيه
|
من سوداء النّحوس لون الغداف؟
|
أهو القطب ؟ فتنة الأبد الخا
|
لي و مغدى الظّنون و الأرجاف؟!
|
أم هو العالو الذي جهلوه
|
و شأى أوجه على الكشّاف؟
|
أيّ سرّ للجاذبيّة فيه
|
بأخذ الأرض نحوه بانحراف؟
|
أيّ نجم في أفقه رصدوه
|
لمسار حول الثّرى و مطاف؟
|
لكأنّي به مغاور جنّ
|
مستسرّي الأرواح و الأطياف
|
لا يقيمون في ذراهنّ و اللّيـ
|
ـل على الكون مطبق الأسداف
|
فإذا أقبل النّهار تولوا
|
و تواروا خلال تلك الشّعاف
|
و أراه مجنّ كلّ خفيّ
|
من تهاويل ساحر عرّاف
|
يستمدّ الأنباء منه و يدلي
|
بالأحاديث و هي جدّ زياف
|
و بها من خفاء مهبطه الخا
|
في خفيّ الأخبار و الأوصاف
|
و هو الشّاطئ الذي حفافـ
|
ـيه تقرّ الأنغام بعد طواف
|
كلّ لحن من الملاحن مهما
|
أبدعته أنامل العزّاف
|
فإليه يصوب في سدف اللّيـ
|
ـل و يثوي صداه بين الحفاف
|
ليت شعري أيستحيل صدى في
|
لجّه أم يقرّ في الأصداف!
|
إنّ هذي يا شمس ألحان قلبي
|
مرسلات عن مدمعي الذّرّاف
|
فاشهديها تقرّ في جوفه النّا
|
ئي فكم فيه من حطام أثافي
|
***
|
أيّها القطب حدّث الكون هلا
|
تسعد الشّعر ليلة باعتراف؟
|
طال بالشّمس في دجاك اصفرار
|
لا الدّجى حائل و لا الضّوء صافي
|
لم تجز عن ثراك قيد ذراع
|
أو تنبّه جفن الصّباح الغافي
|
قيل حاموا على ذراك، و ألقوا
|
فوق فوق واديك نظرة استشراف
|
و أراهم في زعمهم قد أسفّوا
|
بك يا قطب أيّما إسفاف
|
تشهد الكائنات أنّك أمسيـ
|
ـت، و تمسي سرّ الوجود الخافي
|