موجة السّحر من خفيّ البحور
|
أغمري القلب بالخيال الغمير
|
أفبلي الآن من شواطئ أحلا
|
مي و ردّي عليّ نفح العبير
|
و اصخبي في شعاب قلبي و ضجّي
|
فوق آلامه الجسام و ثوري
|
أيقظني فيه من فتون وسحر
|
ذكريات من الشّباب الغرير
|
إنّها ذكريات أمسية مرّ
|
ت و أيّام غبطة و سرور
|
و بريء ابتسامة في فم الايّا
|
م كانت عزاء قلب كسير
|
قد طواها النّسيان إلاّ شعاعا
|
غمر الرّوح في بقيّة نور
|
رمق ذاك من أشعة شّمس
|
علقت في غروبها بالصّخور
|
أخذ القلب لمحها من وراء
|
الموج يجتاز لجّة الدّيجور
|
فتبيّنت في الشّواطئ حولي
|
أثرا من غرامنا المأثور
|
صخرة كانت الملاذ لقلبيـ
|
ـن حبيبين في الشّباب النّضير
|
جمعتنا بها الحوادث في ظلّ
|
هوى طاهر و عيش قرير
|
كم وقفنا العشّي نرقب منها
|
مغرب الشّمس و انبثاق البدور
|
و جلسنا في ظلّها نتملّى
|
صفحة الماء في الضّحى و البكور
|
فإذا ما تهلّلت ليلة قمرا
|
ء هزّت بنا خفيّ الشّعور
|
و سرينا في ضوئها نتناجى
|
بهوى فاض عن حنايا الصّدور
|
و انتحينا من جانب البحر مجرى
|
مطمئنّ الأمواه شاجي الخرير
|
نزلت فيه تستحمّ النّجوم
|
الزّهر في جلوة المساء المنير
|
راقصات به على هزج المـ
|
ج عريا مهدّلات الشّعور
|
و على صدره الخفوق طوينا
|
اللّيل في زورق رخيّ المسير
|
و رياح الخليج دافئة الـ
|
ـبدر في ظلّه دفيف الطّيور
|
و من السّاحل الطّروب أغان
|
أخذتنا بكلّ لحن مثير
|
رجّعتها بحارة آذنتهم
|
ليلة المنتأى ، و بعد العشير
|
و سكتنا فليس إلاّ عيون
|
أفصحت عن جوانح و ثغور
|
تتلاقى على نوازع قلب
|
و صدّى هاجس ، و سرّ ضمير
|
و كأنّ الوجود بحر من النّو
|
ر سبحنا في لجّه المسجور
|
كلّ ما حولنا يشفّ عن الحبّ
|
و يفضي بسرّه المستور
|
و كأنّا نطوف في ليل أحلا
|
م و نسري في عالم مسحور
|
يا صخور الوادي يضجّ عليها الـ
|
ـبحر في جهشه المحبّ الغيور
|
يا رمال الكثبان تنقش فيها الرّيـ
|
ـح أسطورة الحياة الغرور
|
يا خفاف الأمواج تحلم بالإينا
|
س من كوكب المساء الصّغير
|
يا نسيم الشمال يبعث بالرّغـ
|
ـو و يهفو على الرّشاش النّثير
|
أنت يامن شهدت فجر غرامي
|
و وعيت الغداة سرّ الدّهور
|
أين أخفيت أمسياتي اللّواتي
|
نزعتها مني يد المقدور؟
|
أمحاها الزّمان؟ أم حجبتها
|
من عواديه ماحيات البدور؟
|
بدّلتني الأقدار منها بليل
|
مدلهمّ الآفاق جهم السّتور
|
غشي العين ظلّه و تمشّت
|
في دمي منه رعشة المقرور
|
لك يا شاهدات حبّي أتيت الآ
|
ن أقضي حقّ الوداع الأخير
|
فانظري، ما ترين غير شقيّ
|
طاف يبكي بالشّاطئ المهجور
|
راعه عاصف يرجّ السّماوا
|
ت و موج يضجّ ملء البحور
|
فكأنّالحياة في مسمعيه
|
ضجّة الحشر أو هزيم السّعير
|
و كأنّ الوجود في ناظريه
|
وهدة اليأس أو ظلام القبور
|
في هزيم الرّياح في قاصف الرّ
|
عد يدوّي للبارق المستطير
|
في الفياقي كآبة و وجوما
|
و المحيطات صاخبات الهدير
|
في الدّياجي عوابسا و نجوم الـ
|
ـلّيل بين الخفوق و التّغوير
|
إنّها الكائنات تبكي لمبكا
|
ه ، و تبدي ضراعة المستجير
|
و هي مأساة حبّه صوّرتها
|
ريشة اللّيل المبدع التّصوير
|
مثّلتها لعينة الآن شطآ
|
ن و موج يئنّ تحت الصّخور !!
|