إملأي الأرض من حداد و غيهب
|
مال نجم البيان عنك و غرّب
|
و خبا من مصباح الفكر نور
|
كان أمضى من الشّهاب و أثقب
|
و طوى الموت هالة كان ينمى
|
كلّ أفق إلى سناها و ينسب
|
يا سماء الخيال ما كلّ يوم
|
من بني الشّعر تظفرين بكوكب
|
ذهب الشاعر الذي ردّد الشّر
|
ق صدى شعره الجميل المحبّب
|
و مضى النّاثر الذي صوّر النّفـ
|
ـس، و جلّى سرّ الضّمير المحجّب
|
الأديب العريق في لغة الضّا
|
د ، وقاموسها الصّحيح المرتّب
|
لم يكن شاعر القديم، و لا كا
|
ن لآداب عصره يتعّصب
|
كان يعنى بكلّ قول فذّ من القو
|
ل و يزهى بكلّ حسن ويعجب
|
شاعر الحبّ و الجمال و ربّ
|
المنطق الحقّ و الراع المؤدب
|
شعره من ينابع السّحر ينسا
|
ب و في عالم الحقيقة ينصب
|
عاطفيّ القصيد يعبث بالألـ
|
باب أسلوبه الرّشيق و يلعب
|
و خيال يسمو إلى ما وراء الـ
|
ـكون من عالم اليقين و يذهب
|
ينفذ الفكر في مجاهل دنيا
|
ه فيبدو له الخفيّ المغيّب
|
و معان أرقّ من نسمة الفجر
|
و لفظ من سلسل الخمر أعذب
|
و بيان يسيل في كلّ نفس
|
فعله من غرائب السّحر أغرب
|
و قواف كأنها نغمات
|
هاجها الشّجو في يراع مثقّب
|
و كأّن الأوزان شتّى مثان
|
ترقص النّفس وفقهنّ فتطرب
|
***
|
بؤساء الحياة من لكمو اليو
|
م على الحادثات، و العيش أخطب
|
ضاقت الأرض بالحنان و فاضت
|
بالأذى أبحرا تضجّ و تصخب
|
فابحثوا في شعابها عن مقيل
|
و انشدوا من منافذ النّجم مهرب
|
قد فقدتم نصيركم و سلبتم
|
عضدا شدّ أن يغال و يسلب
|
عقل الموت مقولا منه عضبا
|
و طوى مهجة و أطبق هيدب
|
و خلا اليوم من شجاكم فؤاد
|
ذاب من رحمة لكم و تصبّب
|
و غفت أعين بكتكم بدمع
|
لم تدع منه ما يراق و يسكب
|
الرّفيق الحاني على كلّ فلب
|
أنشب البؤس فيه نابا و مخلب
|
و الخفيف الخطى إلى كلّ نفس
|
مال عنها نصيرها و تنكّب
|
فاذكروه على اللّيالي إذا ما
|
زحم الدّهر ركنكم و تألّب
|
***
|
من لصرعي الهموم بعدك يا حا
|
فظ من للحزين؟ من للمعذب؟
|
كنت برّا بهم و أحنى عليهم
|
من فؤاد الأب الشّفيق و أحدب
|
عجب صبرهم على خطبك الدّا
|
وي و صبر البأساء من ذاك أعجب!
|
قم و شاهد مآتم الشّرق و انظر
|
كيف يبكي البيان فيك و يندب
|
قسما لو يردّ هسجو إلى العيـ
|
ـش لألقى لك الزّمام و قرّب
|
و مشى في يمينه غلا بالريـ
|
ـس إلى رأسك الكريم و عصّب
|
و تمنى الذي كتبت عن البؤ
|
س وردّ الأصيل دون المعرّب
|
فجعت نهضة البلاد ببان
|
شدّ من ركنها و شاد و طنّب
|
و حباها من شعره و حجاه
|
ما أفاد الجهاد فخرا و أكسب
|
هزّ أشبالها الكماة و أحيا
|
أملا في صدورهم يتوثّب
|
لو شهدتم غداة ثورتها الكبـ
|
ـرى لجاج النّفوس و هي تلهّب
|
لرأيتم في ثورة النّفس منه
|
محنقا من قساور لغيل مغضب
|
لم يزل منه في المسامع صوت
|
تتوقّى الظّبىصداه و ترهب
|
نافذ في الصّميم من باطل القو
|
م كما ينفذ السّنان المذرّب
|
***
|
حافظ الودّ و الذّمام سلاما
|
لم يعد بعد من يودّ و يصحب
|
كنت نعم الصّديق في كلّ آن
|
حين يرجى الصّديق أو حين يطلب
|
لم تغيّرك من زمانك دنيا
|
و حياة بأهلها تتقلّب
|
خلق رضته على شرعة الصّد
|
ق و إن خانك الرّجاء و كذبّ
|
و إباء حميته من صغار
|
و بريق من المواعد خلّب
|
و فؤاد لغير عاطفة الوجـ
|
ـدان لا يدنّي و لا يتقرّب
|
و ضمير لا يبلغ المال منه
|
و بلوغ النّجوم من ذاك أقرب
|
و لسان حفظته من سؤال
|
لا يمين الكلام أو يتذبذب
|
يلفظ الرّوح صاديا و إذا لم
|
يصف للماء مورد ليس يشرب
|
صفحات نقّية بمداد السّـ
|
حق في مجتلى العظائم تكتب
|
***
|
خانني فيك منطقي و عصاني
|
قلم طالما أفاض و أسهب
|
آب بالشعّر من مصابك يبكي
|
رزءه فيك و الرّجاء المخيّب
|
أنت من أمّة بهم بعث اللّـ
|
ـه هداه إلى الشّعوب فثوّب
|
لم يزل منكمو على الأرض ظلّ
|
و شعاع هاد و غيث مصوّب
|
و يجوب الحياة من كل آن
|
هاتف منكمو و طيف تأوّب
|
حضّر في القلوب أنتم و إن كنـ
|
ـتم على ملتقى النّواظر غيّب
|