أحبابنا هل لذاك العهد تذكار
|
يدني إليكم إذا لم تدننا الدار
|
بنتم فلم يغننا من أنسكم سكن
|
يوماً ولا راقنا من بعدكم جار
|
تجري المنى سانحات في خواطرنا
|
وما لها غير جمع الشمل أوطار
|
قد قطع البعد نجوانا وما برحت
|
في القلب منكم أحاديث وأسرار
|
نبيت في الربع نستسقي الغمام لكم
|
وقد سقت ربعكم للدمع أمطار
|
حق علينا وأن غبتم زيارته
|
فهل نراكم وأنتم فيه زوار
|
أما الكرى فسلوا عنه الخيال إذا
|
وارته من ظلمات الليل أستار
|
وبي ليالي أنس بيننا سلفت
|
كأنها في ربيع العيش أزهار
|
كأننا لم نذق وصلاً ولا عبرت
|
لنا على الصفو آصال وأسحار
|
أيم نعشو إلى ضوء الشمول وقد
|
بدا لها تحت جنح الليل إسفار
|
صهباء تكسو الندامى من أشعتها
|
كوجه موسى وقد ضاءت له النار
|
مبارك الوجه صافي السر قد هبطت
|
عليه من أفق الرضوان أنوار
|
في طاعة الله ممساه ومصبحه
|
ومنه للخير إعلان وإسرار
|
لله غصن نشا من روح مكرمة
|
طابت لنا منه أغصان وأثمار
|
عرق كريم واحساب مؤثلة
|
بمثلها أحرزت للمجد أخطار
|
أنشا لآل فريج عزة بسقت
|
من دونها خسأت للدهر أنظار
|
بنى لهم طود مجد طال وارتفعت
|
عليه من حيطة الرحمان أسوار
|
وفوقه نور بدر حين لاح به
|
غارت لمطلعة في الأفق أقمار
|
هذا الهمام الذي أضحت مناقبه
|
قدى بها في طلاب الحمد يستار
|
في جاهه لطريد الدهر ملتجاً
|
وفي غناه لأهل العسر إيسار
|
وهمه كل يوم كسب مأثرة
|
تخطها في سجل الفخر أدهار
|
متيم بغواني المجد يعشقها
|
فمن من حوله عون وأبكار
|
يضم للتالد الموروث طارفها
|
ذخائراً مثلها يبغي ويختار
|
فدى لموسى رجال قد عرفتهم
|
كأنهم في عيون العصر عوار
|
من كل راض من الدنيا بدرهمه
|
وليس في نفسه للمجد إيثار
|
ومن إذا حصلت في كفه جدة
|
فإنها ثمن بشرى به العار
|
الفقر أجمل ثوب للئيم وأن
|
عاب الكريم وبعض الفقر ستار
|
وشر ما امتاز قدر الأغبياء به
|
إذا غلت منهم بالفلس أسعار
|
وإنما الفضل ما أبديته لهم
|
لو كان فيهم لمرأي الفضل أبصار
|
فدم لهم سائداً في كل مكرمة
|
بمثلها قاد عنق الدهر أحرار
|
ولتهنك الرتبة الأولى حباك بها
|
من جود كفيه في الآفاق مدرار
|
من عنده ينصف الفضل المبين ولا
|
تخفي عليه لأهل الفضل أقدار
|
ومن إرادته حكم فمن رفعت
|
فما لرفعته في الأرض انكار
|
عبد الحميد الذي في ظله استترت
|
من البسيطة أقطار وأمصار
|
تجري الرياح تباعاً تحت رايته
|
إذا جرت وتقل الفلك أبحار
|
ملك إذا نظرت في الأمر فكرته
|
فالدهر يوم ووجه الأرض أشبار
|
له من القدر الجاري جلاوزة
|
ومن ملائكة الرحمان أنصار
|
فدم ما فياً الغصن النسيم وما
|
تحركت من جفون العين أشفار
|
ورم به راقياً أرخت ما نسجت
|
بمدحه خطب منا وأشعار
|