زمان الحمى هل من معاد فنطمعا
|
ونمسك أكباداً تذوب وأضلعا
|
ويا منزل الأحباب هل فيك وقفة
|
تجدد تذكاري وإن كان موجعا
|
ويا نسمات المنحنى كيف أهله
|
وهل طاب بعدي ذلك الحي مرتعا
|
قضى الدهر فينا بالفراق وطالما
|
عهدناه قدماً بالجماعات مولعا
|
نبيت ونغدو والليالي بمرصد
|
تراقب منا كل شمل تجمعا
|
ولو لم تروعنا بتصديع ألفة
|
كفانا ارتياعاً خوف أن نتصدعا
|
ويا رب يوم قد أطال تلهفي
|
فلم يرني إلا حبيباً مودعاً
|
فمن عبرة سألت بنحري وزفرة
|
بها رحت من بعد الوداع مشيعا
|
وباكية لما أظل فراقنا
|
وما أوشكت ترجو لوصلي مرجعا
|
تكفكف دوني عبرة بعد عبرة
|
على صفح خد بات بالدمع أسفعا
|
أقلي فقد أشجيت بالنوح أضلعي
|
وغادرت قلبي بالشجون مروعا
|
وكفى أليم اللحظ عن قلب مدنف
|
رمته النوى من قبل سهميك أربعا
|
فما باختياري كان ذا البعد بيننا
|
ولكنه شأن أبي أن يضيعا
|
ذريني وهذا الشوق يتلف مهجتي
|
فإني رأيت الخسف أعظم مصرعا
|
أبي الله أن أرضى المقام ببلدة
|
أرى الفضل فيها بالخمول ملفعا
|
فما وطني أرض نبت بفضائلي
|
ولو كان فيها العيش أخضر ممرعا
|
ولا اصطفى من كان فضلي عدوه
|
ولو جادلي من بعد بالود أجمعا
|
معاهد فيها يبرز اللؤم صفحة
|
وتنكر وجه الحر إلا مقنعا
|
أناخ بها ركب الغواية عائشاً
|
وجاس حماها مربعاً ثم مربعا
|
ومد أتي الجهل بالجور فوقها
|
إلى أن غدا حوض الخباث مترعا
|
فيا لك شراً أي أم تمخضت
|
به وغذته الشؤم حتى ترعرعا
|
ويا لك أياماً أرتنا صروفها
|
عجائب لم يطرقن في الحلم مضجعا
|
ولم يبق إلا أن نرى الشمس أشرقت
|
من الغرب حتى تجعل الغرب مطلعا
|
فيا دهر جد ذاك أم أنت هازل
|
وكيف بمن لم يدر للهزل منزعا
|
تدرعت فيك الصبر حتى إذا عفا
|
تخذت حمى العباس حصناً ومفزعا
|
مليك غدا قطب المكارم والندى
|
وبات حماه للرغائب مجمعا
|
سلالة بيت المجد والعز والعلى
|
وصفوة من في دستهم قد تربعا
|
همام تولى الأمر وهو على شفا
|
فشيد من اركانه ما تضعضعا
|
وناهض جيش الحادثات بهمة
|
قد اتخذت افق السماكين موضعا
|
يقود لها جيشاً من الرأي غازياً
|
يلي خلقاً رحباً وقلباً مشيعا
|
تفل شباة الخطب في كل غمرة
|
له نظرة تصمي الحديد الموتعا
|
فتى خاض لج الحادثات وضحلها
|
وما شر ريحيها رخاء وزعزعا
|
فما زال في الحالين مرفوع راية
|
تلاقيه أعناق الطوارق خضعا
|
تقلد أعباء السياسة امرداً
|
وقد عرفته قبل ذلك مرضعا
|
فكانت له أما وكان لها أبا
|
غذته ورباها وقد نشأ معا
|
فسيح ظلال الملك أضحى فناؤه
|
ملاذا لأحرار النفوس ومنجعا
|
به اعتصمت آمال قوم أنالهم
|
من الفضل ما لم يبق في النفس مطمعا
|
وعز به من لم يعززه معشر
|
فأصبح ذا ظفر وإن كان أقطعا
|
وأصبح ناب البغي في ظل عدله
|
كليلاً وعرنين المظالم أجدعا
|
كذا كان آباء الأمير وانه
|
ليجري على آثارهم متتبعا
|
سراة بنوا صرحاً من المجد باذخاً
|
وشادوا له بالعز سواراً ممنعا
|
وسنوا الندى والعدل للناس فاقتدى
|
بهم من بغي في ذروة المجد مفرعا
|
لهم في حمى مصر عظائم لم تزل
|
لديهن أبصار الحوادث خشعا
|
غطارفة تمضي العصور وذكرهم
|
فتي شباب كلما شخن أيفعا
|
ولو أغفل التأرخ ذكر فعالهم
|
دعا ناطق الآثار منها فأسمعا
|
ودونك يا مولاي مدحة عاجز
|
بها لوفا حق الجميل تذرعا
|
لئن عيب بالتقصير فيك ثناؤه
|
فقد أمن التزوير فما لك أدعى
|
ومثلك من لا يبلغ المدح وصفه
|
ولو أسهب المثنى عليك وأبدعا
|
وحسب مديحي فيك أني زنته
|
بما فيك من حسن الخلائق أودعا
|
صفات زهت حسناً فكانت كروضة
|
وكنت بمدحيها الهزار المرجعا
|
إلى بابك العالي سريت وقبلتي
|
نجوم المنى في أفق فضلك طلعا
|
وانزلت رحلي منك في خير بقعة
|
أرى أمما فيها بظلك رتعا
|
فدم وابق واسلم وارق وانعم لا تزل
|
مقابلة نعماك بالحمد والدعا
|
فلو كانت الآمال طيراً بروضة
|
لما كن إلا في فنائك وقعا
|