تصبر وأن لم تملك الصبر فاجزع
|
فما أغفل الأقدار عن صوب مدمع
|
يهم الليالي ما تثير وقلماتهم
|
الليالي لوعة المتفجع
|
تضيع لديها كل نفس فهل ترى
|
يبيت لديها الدمع غير مضيع
|
شجاني أن الدهر ليس براحم
|
وأني ذو قلب شديد التوجع
|
وأن الذي أشكوه لا لب عنده
|
يقلب أهل اللب في كل مصرع
|
فواحرباً من حكمه وهو جائر
|
وصبري وما صبري لدي بطيع
|
ولي كل يوم ما يروع فكيف لا
|
يذوب فؤادي لهفة بين أضلعي
|
نعى البدر ناعيه عشية فجعة
|
فيا لهف أجفان ويا لهف مسمع
|
ويا ذوب أكباد تسيل كآبة
|
على جمر حزن حيثما مس يلذع
|
تداركه قبل التمام محاقه
|
مبادرة من حيث لم يتوقع
|
فقطع أحشاء وواصل أدمعاً
|
وضيع من آمالنا كل مطمع
|
وساء أبا ما ساء قلباً فأصبحت
|
له اليوم في الأكباد لوعة موجع
|
وفارق اوج العز والمجد والعلى
|
إلى أوج مجد منه أعلى وأرفع
|
أيا كنف الرحمان أودعت درة
|
مكرمة من عند أكرم مودع
|
ويا قبر فيك اليوم أنضر زهرة
|
غنيت بها عن زهرك المتضوع
|
ويا أيها الغصن الذي هصر الردى
|
معاطف قد منه ريان ممرع
|
تركت مغانينا وقد بت مثلما
|
دعيت فريدا ضمن صحراء بلقع
|
فما برحت في كل قلب كى بة
|
من الحزن تغشى كل وجه ببرقع
|
وطالت مناحات النوادب في الحمى
|
عليك فاشجى نوحها كل مربع
|
رويدك أن العين لم توف حظها
|
بمراي جمال منك باللظف مبدع
|
ولا رويت منك الصدور فإنها
|
مشوقة أنس ظل أعذب منقع
|
لئن صدقت فيك العيون بدمعها
|
فإن قلوب القوم بالجرح تدعي
|
وأن تك قد أمسيت في القفر موحشاً
|
فوحشتنا في الحي لم تتقشع
|
هو البين يغشى كل خلق فأنفس
|
تفانت ودمع سأل في كل مضجع
|
وما الناس إلا نازل غير قادم
|
ومرتحل ولي على غير مرجع
|
بماذا نعزي عنه مهجة والد
|
رأوف فؤاد بالشجون مروع
|
لقد هاجمته الحادثات مغيرة
|
بأذلق حداً من ظباه وأقطع
|
على أننا منه عرفنا لدى البلا
|
تقلد صبر ليس بالمتزعزع
|
وقد خبر الدنيا فلم تأت عنده
|
غريباً ولم تبدو بوجه مقنع
|
وعرفه الماضي حقيقة قادم
|
كقافية في صدر بيت مصرع
|
تعود أخذ الرفق في كل حالة
|
فما وقعت إلا على قلب أروع
|
وقابل هذا الدهر بالحلم فانثنى
|
عليه بطبع بالسفاهة مولع
|
أمولاي رفقاً أن رزءك في الملا
|
تقاسمه الأكباد في كل موضع
|
تعز بأنجال كرام أعزة
|
لهم في سما علياك أشرف مطلع
|
تناول كل منهم المجد تالدا
|
وحاز كمال الفخر قبل الترعرع
|
فلا ساءت الدنيا بهم لك مهجة
|
ولا كدرت أحداثها طيب منجع
|
ودم بعد من فارقت بالله سالماً
|
عزيزاً ومن فارقت في خير مرتع
|