مهرجان الزفاف علي محمود طه

سحر نطقت به و أنت المنطق

و لك الولاء ولي بعرشك موثق

يا أفق إلهامي و وحي خواطري

هذا نشيدي في سمائك يخفق

توحي إليّ الشّعر علويّ السّنى

مصر، و نور شبابك المتألّق

و شوارد هز النّجوم روّيها

و الكون مصغ و الشّعاع يصفّق

في ليلة للنّفس فيها هزّة

و لكلّ قلب صبوة و تشوّق

ريّا الأديم كلجّة مسجورة

يسري عليها للملائك زورق

غنى بها الشّعر الطّروب و أقبلت

بالزّهر حوريّاته تتمنطق

و شدا الرّعاة الملهمون كأنّما

سيناء من قبس النّبوة تشرق

هي من طوالعك الحسان ، و إنّه

أكل لمصر على يديك يحقّق

مصر إذا سئلت فأنت لسانها

و جنانها ، و شعورها المتدفّق

فتلقّ فرحتها بعيدك إنّه

عيد يهنىء مصر فيه المشرق

***

مولاي هل لي أن أقبّل راحة

بيضاء تحيي المأثرات و تخلق

مرّت على الوادي ، فكلّ شعابه

عين مفجّرة ، و غصن مورق

و جلوتها للنّاظرين فأبصروا

برهان ربّك ساطعا يتألّق

لو ردّ فرعون و سحر دعاته

و تسائلوا بك مجمعين و أحدقوا

لقفت عصاك عصّيهم فتصايحوا

لا سحر بعد اليوم، أنت مصدّق

يا باعث الرّوح الفتيّ بأمّة

تسمو بها آمالها و تحلّق

أغلى الذخائر في كنوز فخارها

تاج يجمّله بنورك مفرق

صاغته من آمالها و دمائها

و أجلهنّ دم الشّباب المهرق

أن أنس ، لا ينس اليمين و يومه

قلبي الطّروب و جفني المغروق

و هتاف روحي في خضمّ صاخب

خلت الفضاء الرّحب فيه يغرق

القائد الأعلى ، و تحت لوائه

حرّاس مصر الباسلون السّبّق

طافوا بساحتك الكريمة فيلقا

يحدوه من آمال مصر فيلق

و أنهلتهم شرف المثول فقرّبوا

مهجا يحوطك حبّها و يطوّق

و ضعوا الأكف على الكتاب و أقسموا

و سيوفهم من لوعة تتحرّق

أو ما لها الماضي ، فجنّ حديدها

حتّى تكاد بغير كفّ تمشق

ذكرت بك النصر المبين و فاتحا

يطأ الجبال الشّامخات و يصعق

يا صنو إبراهيم لو ناديته

بك لاستجاب و جاء باسمك ينطق

لك مصر ، و السّودان و النّهر الذي

يحيا الموات به، و يفنى المملق

عرش قوائمه التّقى ، و ظلاله

عدل ، و روحانية ، و ترفّق

المسجد الأقصى يودّ لو أنّه

أسرى إليه بك الخيال الشّيق

كم وقفة لك بالصّلاة كأنّما

عمر تحف به القلوب و تخفق

لما وقفت تلفّت المحراب من

فرح ، و أنت لديه حان مطرق

و يكاد من بهج يضيء سراجه

وجه عليه من الطّهارة رونق

أحييت سنّة مالكين سما بهم

في الشّرق أوج حضارة لا يلحق

فانين في حبّ الإله ، و لن ترى

بعد الألوهة ما يحبّ و يعشق

طهر عصمت به الشّباب وإنّما

شيم الملوك به أحقّ و أخلق

تغضي لرقّتك النّفوس مهابة

و تهمّ بالنّظر العيون فتشفق

إنّ السّيوف تهاب و هي رقيقة

و خلائق العظماء حين ترفّق

***

ألقى البشير على المدائن و القرى

نبأ كصوت الوحي ساعة يطلق

عبر الضّفاف الحالمات فمسّحت

جفنا ، و هبّ نخيلها يتأنّق

فرح تمثّل مصر فهي خواطر

صدّاحة ، و سرائر تترقرق

اليوم آمنت الرّعية أنّها

أدنى لقلبك في الحياة و ألصق

آثرتها فحبتك من إيثارها

تاجا شعائره الولاء المطلق

ملكات مصر الرّائعات ، إذا بدا

كفّ تشير له ، و عين ترمق

و حديث أرواح يضوع عبيره

و من الطّهارة ما يضوع و يعبق

يا صاحبي مصر ، أظّلكما الرّضى

و جرى بيمنكما الرّبيع المونق

و فداء عرشكما المؤثّل أمّة

أمست خناصرها عليه توثّق

يا شمس يا أمّ الحياة ! تكلّمي

فلقد يثاب على الكلام الصّيدق

أ أعزّ منّا تحت ضوئك أمّة

هي بالحياة و بالسّيادة أخلق ؟

إنّا بنوك ، و إن سئلت فأمّنا

مهد الشّموس و عرشهنّ المعرق

عرش لفروق العظيم ، يزينه

هذا الشّباب العبقريّ المشرق