حياة أسر العيش فيها مذمم
|
وناس بها قلب الخلي متيم
|
سقت كل قلب كل يوم مشارباً
|
توهم فيها لذة وهي علقم
|
تشاغلت الألباب فيها من الصبى
|
ولم تك أدنى صبوة حين تحلم
|
تبطل كل بالأماني ولم يزل
|
يروح ويغدو وهو للموت مغنم
|
وما الأرض إلا قفرة زأرت بها
|
أسود المنايا حولنا وهي خوم
|
لها كل يوم بيننا كل منذر
|
ينادي علينا مسمعاً وهو أبكم
|
تنبهنا بعضاً ببعض فننثني
|
وأجفاننا في غفلة اللهو نوم
|
خلت دونها شم الحصون فلم تكن
|
لساكنها من غارة البين تعصم
|
وأصبح من قد كان يرهب بأسه
|
يناح عليه بعد حين ويرحم
|
تراب من الأرض استوى تحت صورة
|
تلوح عليها مدة ثم تهدم
|
أحبتنا ما أعذب الهجر بيننا
|
إذا كان حبل الوصل لا بد يفصم
|
أنسنا بطيب الوصل في الأرض مدة
|
وما طيب وصل بالتفرق يشؤم
|
يلام على قبر توسد تريه
|
حبيب عليه من بعيد أسلم
|
وما كان يجدي لو تداني ودونه
|
من الرمس قد أمسى حجاب مخيم
|
لئن لم تصب عيني ثراه فإن لي
|
هنالك قلباً منه قد قطر الدم
|
وما جف دمعي بعده غير أنه
|
يديج خضراء الربى حين يسجم
|
نعاه لنا الناعي ففي كل مسمع
|
كلام ولكن في الأضالع أسهم
|
تنوح على فقد الأمير محمد
|
رجال عليه بالدما تتلثم
|
عزيز له في كل عين مدامع
|
وفي كل قلب جمرة تتضرم
|
وكم من جيوب بل قلوب تشققت
|
عليه وكم من أوجه فيه تلطم
|
ولما نعي في ارض لبنان أوشكت
|
جنادلة من حسرة تتألم
|
كريم له من آل رسلان محتد
|
ومن نفسه مجد سني معظم
|
ومن ذكره ما يعجر الدهر سلبه
|
ومن شكره في كل ذي منطق فم
|
أيا من قضى في غربة الدار نازحاً
|
فكل فؤاد نازح متصرم
|
رويدك ما للصبر بعدك من يد
|
إذا ما اقتضى الصبر المصاب العرمرم
|
ترحلت في شرخ الشباب مغادراً
|
من الحزم ما يودي الشباب ويهرم
|
ومثلك من حق التأسف بعده
|
وغيرك مخلوف ومثلك يعدم
|
تنوح القوافي بعد يومك حسرة
|
فنوشك نخشى نثرها حين تنظم
|
وتندبك الأقلام من حيث رددت
|
حنيناً وأجرت عبرة حين ترقم
|
وبين المذاكي والسيوف مناحة
|
وبين الحجى والعلم والمجد مأتم
|
إلا يا بني رسلان صبراً لفقده
|
فذلك مما يقتضيه التكرم
|
إذا ما دفعنا للبلية مرة
|
ولم ننتفع بالحزن فالصبر أحزم
|
جرى قدر المولى بما شاء واستوى
|
لديه جزوع في الأسى ومسلم
|
وليس لنا من مطمع فات نيله
|
إذا كان ما نبغيه ما ليس يغنم
|
وما كان ما لا بد منه مؤخراً
|
يهون لديه الرزء وهو مقدم
|
وما الفرق في الحالين إلا هنيهة
|
تمر سريعاً والقضا متحتم
|