عّفا الصّفا وانتفى من كوخ ندماني |
وأوشك الشّك أن يودي بإيماني |
شرّبت كأسا ولو أنّهم سكروا |
بخمرتي وسقاني الصابّ ندماني |
لقلت: يا ساق ! هلاّ والوفاء كما |
ترى تنكّر ، هلا جدت بالثاني |
سيمت بلادي ضروب الخسف وانتهكت |
حظائري واستباح الذئب قطعاني |
وراض قومي على الإذعان رائضهم |
على احتمال الأذى من كل إنسان |
فاستمرأوا الضيم ، واستخذى سراتهم |
فهاكهم ، يا أخي عبدان عبدان |
وإن تكن منصفا فاعذر إذا وقعت |
عيناك فينا على مليون سكران |
** |
** |
إليكها عن أبي وصفي مجلجلة |
أبا طلال وما قولي ببهتان |
وقلت: هذا هو الباشا وذاك لقد |
عليه أنعمت إنعاما بنيشان |
رفعت كلّ وضيع لا يقام له |
إلاّ بسوق الخنا وزن بميزان |
وقلت: أولاء قومي ينهضون بكم |
وحسبكم أنهم من خير أعواني |
هلاّ رعيت ، رعاك الله حرمتنا |
هلا جزيت تفانينا بإحسان ؟! |
مولاي شعبك مكلوم الحشا وبه |
من غضّ طرفك والإهمال داءان |
وليس ترياقه يا سيّدي وأخي ، |
في ناب صلّ ولا في سنّ ثعبان |
مولاي ! إنّ المطايا لا تسير إلى |
غاياتها ، إن علاها غير فرسان |
** |
** |
خداك ، يا بنت ، من دحنون ديرتنا |
روحي فداء الخديد الأحمر القاني |
أما هواك ، فلن تنفك جذوته |
توري زناد تباريحي وأشجاني |
يا بنت ، وادي الشتا صرت جنادبه |
ورجّعت جلهتاه الغرّ ألحاني |
فلا عليك إذا أقريتني لبنا |
وقلت : خبزتنا من قمح حوران |
أما السّكاكر فلينعم بمأكلها |
" صبري " و " منكو " و " وتوفيق بن قطان " |
وليحيي " لدجر " و " الكوتا " وطغمتها |
في ظلّ دوح من اللذات فينان |
أما أنا والمناكيد الذين هم |
قومي وصحبي وندماني وخلاني |
فحسبنا نعمة الذلّ التّي نخرت |
عظامنا وأعزت أهل عمان |
** |
** |
" يا صاحبيّ فدت نفسي نفوسكما " |
على المذلة والإذعان روضاني |
لقد تنكّر لي أهلي ، وأنكرني |
صحبي وأقرب من أدنيت أقصاني |
فهاكني كيتامى الزّطّ لا أحد |
يرثي لحالي ، ولا إنسان يرعاني |
وليس لي ملجأ آوي إليه إذا |
تهكم الصلفين الفظّ آذاني |
ولا يراني أهل الخير ، يوم يدي |
أمدها لهم ، أهلا لإحسان |
أقول : هذا صديق صادق فإذا |
بعد التجارب بي أمنى بخوّان |
فهل عليّ ودأب الناس ثعلبه |
ورفع كل وضيع القدر والشان |
إذا عكفت على كأسي وقلت له : |
يا أيّها الكأس ! أنتّ الحادب الحاني ؟! |
يا صحابيّ ! أعيراني عيونكما |
أمتاح من دمعها لكن بأشطاني |
عسى يخفف كرب الثكل سائلة |
تنساب ما بين جثمان وأكفان |
قد أنضبت أدمعي من أعيني نوب |
تبكي وتضحك قد حلت بأوطاني |
يا صاحبيّ ! خذا عنّي ، فديتكما ، |
سرّ الصبابة والألحان والحان |
وناشدا الشوق هل شامت مرابعه |
وجدا كوجدي ، وتحنانا كتحناني |
** |
** |
ليلاي قيسك قد شالت نعامته |
إلى فلسطين من " غور ابن عدوان " |
هلاّ تجملت ، يا ليلى ، وقلت له : |
مع السلامة إنّ الدرب سلطاني |
شدوا الرّحال إلى ابن السّعود ففي |
رحابه مجد غسان وعدنان |
** |
** |
ماذا على الناس من سكري وعربدتي |
ماذا على الناس من كفري وإيماني |
ماذا على الناس من قولي لهم : أحد |
ربي ، وقولي لهم : ربي له ثان |
ماذا على الناس من لهوي ومن عبثي |
ماذا على الناس من جهلي وعرفاني |
ماذا على الناس من جهلي ومعرفتي |
ماذا على الناس من ربحي وخسراني |
ماذا على الناس من صفوي ومن كدري |
ماذا على الناس إن دهري تحداني |
ماذا على الناس من فقري ، ومتربتي |
ماذا على الناس من ضنّي وإحساني |
ماذا على الناس من حبي مكحلة |
بين الخرابيش أهواها وتهواني |
** |
** |
قالوا : ذوو الشأن في عمان تغضبهم |
صراحتي ، ولذا أفتوا بحرماني ! |
قالوا ذوو الشأن في عمان قد برموا |
بمسلكي واصطفائي رهط مجان ! |
واستنكروا شرّ الاستنكار هرولتي |
إلى الخرابيش مع صحبي وندماني |
ما كان أصدق هذا القول لو عرفت |
عمان مذ خلقت إنسان ذا شان ! |
قالوا : ( تمشكح ) في يافا وقد صدقوا |
إنّي ( تمشكحت ) رغم العاذل الشاني |
وقد جررت ولم أحفل بلومهم |
بين الخرابيش عند الزّطّ أرداني |
يافا عروس فلسطين التي غبرت |
ما في يدي خلا شجوي وأشجاني |
يا أهل يافا لقد طوقتم عنقي |
شتى العقود فمن بر لإحسان |
إلى الإشادة في ذكري ومعرفتي |
وأعرف الناس بي يوصي بنكراني |
ماذا عساه لساني أن يقول لكم |
إن أوجب الأمر تقريظي وإحساني |
إلا مقال ابن حجر يوم أنزله |
بالأبلق الفرد ياهوديّ قحطاني |
يا أهل يافا لقد بالأمس أرقني |
برق تألق في أجواء حسبان |
وحين رفّ لقدّ والله ذكّرني |
بأنّني ذات يوم كنت عماني |
فاستيقظت عبرتي من بعد هجعتها |
وعادني ذكرهم من بعد نسيان |
** |
** |
ليلاي دنياي أحلام مجنحة |
تطير بي في فضاء أحمر قان |
يا ليتها حلقت ليلى بأجنحتي |
إذن لقلت لها : طوباك جنحاني |
إذن لزغردت يا ليلى وقلت لها : |
مع السلامة إنّ الدرب سلطاني |
قالوا : يحب، أجل ، إنّي أحب متى |
كانّ الهوى سبّة يا أهل عمان ؟ |
أما هواك فلا زلت الحفي به |
ولا أزال عليه الحادب الحاني |
أما لياليك ، يا ليلى ، فقد سحبت |
سود الليالي عليها ذيل نسيان |
طيري غدا والسلوقيّ استجاب إلى |
بياع عظمات يا ليلى تحداني |
فهل عليّ وهذا ما منيت به |
إن صحت ، يا كأس انت الحادب الحاني |
فادني شفاهك من فيهي أمصمصها |
وأدفئيني ، فإنّ البرد آذاني |
أما الشّباب فقد أودت بجدته |
ليلاي ليلاي إرهاقات سجّاني |
ليلاي! إنّ الخلابيس العتاة عتوا |
على فراشي واستصلوا بنيراني |
فربتي ، بأبي أنت ، على كتفي |
إني على نفسه إنّي أنا الجاني |
ما زال وادي الشّتا دفلاه مزدهر |
مالي ومالكمو يا جيرة البان |
أما هواك فقد شالت نعامته |
وقد حططت بوادي السّير ركباني |
مالي وزمزم ماء غير سائغة |
فأسقني جرعة من ماء حسبان |
ودع هواهم فما بالرقمتين هوى |
وليس حبّ ذوي حزوى بإمكاني |
جيران وادي الشّتا كانوا وما برحوا |
برغم أنفك ... جيراني |
أمّا أنا فالهوى العذريّ يكلؤني |
وأعين الخفرات البيض ترعاني |
** |
** |
" لولا الهوى لم أرق دمعا على طلل " |
ولا حننت إلى أطلال عمان |
الحمد لله ليست مصر لي وطنا |
وأحمد الله أني لست عماني |
لا أنت منّي ولا أهلوك خلاني |
ولا نداماك يا عمان ندماني |
عمّان ! عمّان إنّ الكوخ قد عصفت |
به الرياح فلست اليوم عماني |
** |
** |
يا ميّ ! وادي الشّتا صرت جناديه |
فطرّ شارب ذاك المجرم الجاني |
ذاك الذي كان قلبي ، يوم كنت به |
برا وكان عليّ الحادب الحاني |
أيام كان الهوى العذريّ يكلؤني |
وأعين الخفرات البيض ترعاني |
يا ميّ ! دحنون وادي الحور حمرته |
قد شابها ببياض طلّ نيسان |
ناشدتك الله والأردنّ هل قبسا |
خداك لونهما من لونه القاني |
يا ميّ شبنا وما تبنا فهل نزلت |
بما انتهينا إليه آيّ قرآن |
يا ميّ ! يا ميّ ! قد حال الصبا هرما |
إلى قذالي سبيلا هينا داني |
والنّفس تزخر بالآمال ساخرة |
مما تبيته يا ميّ ! أحزاني |
** |
** |
يا حادي الركب ! قف واصمت على |
مضض فالركب تحدوه سعلاة تحداني |
قفا بعمواس يا ابنيّ وانتظرا |
لو ساعة فهوى وصفي تحداني |
وسائلا كلّ ركب مرّ عن ولدي |
وسائلا الركب عن ( دحنون ) أوطاني |
ويسألونك عنّي ، إنّني رجل |
طرد الهوى ، مذ براني الله ، ديداني |
** |
** |
أين الندامى ؟ مضوا كلّ لطيته |
وخلفوني بهذا الكوخ وحداني |
فلا كؤوس ، ولا ساق ، ولا وتر |
يشنف اليوم ، واويلاه آذاني |
يا وحشة الكوخ ، أضفي فوق وحشتنا |
دمعا نهلّه من سقف وجدان |
فإنّ عبرتنا أودت بها نوب |
كانت وما برحت تجتاح أوطاني |
والصحب أضرب حتى عن إعارتنا |
دمعا .تموح بقاياه بأشطاني |
" لو كنت من مازن لم يستبح إبلي " |
( عرص ) من الشام أو ( عكروت ) لبناني |
قالوا : تعاقرها ؟ قولوا لهم علنا |
إني أعاقرها في كل دكان |
قال الأطباء : لا تشرب . فقلت لهم : |
الشّرب لا الطب عافاني وأبراني |
عليّ بالكأس فالدّنيا مهازلها |
طغت على الناس لكن شرّ طغيان |
** |
** |
قالوا : تدمشق ، قولوا : ما يزال على |
علاته إربدي اللون حوراني |
** |
** |
إليك عنّي ألقابا وأوسمة |
قد أرهقت بضروب الخزيّ عنواني |
رأسي لربي ، وربي لن أطأطئه |
ولن أذلك يا نفسي لدّيان |
شمس العدالة لم تشرق على نفر |
مؤلف من مخاريق وخرسان |
فليتق الله بي شعب محبته |
كانت وما برحت ، ديني وديداني |
وليتق الله بي شعب وفيت له |
حق الوفاء وبالنكران كافاني |
على مذابح قولي : سوف أسعده |
ضحيت عمري فلم يسعد وأشقاني |
** |
** |
الناس أحلاس من دامت سعادته |
وكلّهم خصم من يمنى بخسران |
غبر الوجودة إذا لم يظلموا ظلموا |
فلا تثق منهم يوما بإنسان |
خذني ( معاك ) فإنّ الناس قد برموا |
بما يسمونه ظلمي وطغياني |
خذني ( معاك ) ودعني في مضاربكم |
أمتاح من بئركم لكن بأشطاني |
خذني ( معاك ) فإنّي في مضاربكم |
والله ، أنعم في سهوي ونسياني |
ولا أبالي أأنتم معشر نزل |
أم أنكم أهل ترحال وتظعان |
ألم أقل لك : إنّ الناس أخلصهم |
بوركت إنّ هاجمونا جدّ خوان |
وأنّ وادي الشتا حوّ جآذره |
وأنّ زمزم والأردنّ صنوان |
** |
** |
يا أربعا ما وراء الحصن عامرة |
بما تعانيه من ظلم وطغيان |
قضى أساطين حزبي يا أخي ومضوا |
فاشحذ مداك فإني اليوم وحداني |
أودى الغريب ولم تجزع لمصرعه |
لعلّ جثمان ذاك الميت جثماني |
أين الأمين ؟ لقد شالت نعامته |
وأصبح اليوم يا لله !! ألماني |
لا زرت قبرك تحدوني ........ |
ولا رثيتك إبراهيم طوقان |
نحن الألى قد وفينا في مودتنا |
يوم الرفاق تنادوا يا لقحطان |
وعلقوهم على الأعواد ما علموا |
أنّ العزائم لا تثنى بعيدان |
** |
** |
قالوا : لشعرك عشاق بودهم |
أن يجمعوا بعضه في شبه ديوان |
فقلت : شعري أشلاء مبعثرة |
كأنها عمري في كل ميدان |
ويوم يأزف ميعاد النشور وما |
يقضي به البعث من سر وإعلان |
لسوف يسمع حتى الصمّ من غرري |
آيات تلفظّها أفواه خرسان |
** |
** |
يا أردنيات إن أوديت مغتربا |
فانسجنها بأبي أنتنّ أكفاني |
وقلن للصّحب : واروا بعض أعظمه |
في تلّ إربد أو في سفح شيحان |
قالوا : قضى ومضى وهبي لطيته |
تغمدت روحه رحمات رحمان |
عسى وعلّ به يوما مكحلة |
تمرّ تتلو عليه حزب قرآن |