سكر الدهر ، فقل لي : كيف أصحو |
والنّدى يبخل ، والجود يشحّ |
وأنا يا سيدي المفتي كما |
قلت عنّي : حيث ينحو الحبّ أنحو |
وحياتي ، لا تسل عن كنهها |
إنّها حان وألحان وصدح |
وأمانيّ شباب فاتها |
مثلما فات بني الأردنّ نجح |
وعثار الجدّ قد صيّرها |
عبرة خرساء هيهات تسحّ |
فهي أحيانا بشعري آهة |
وهي أحيانا جوى يشجي وبرح |
وهي طورا في مغاني قصفهم |
عربدات تضحك الثكلى وردح |
وهي أحيانا هوى ، طرد الهوى |
يتبناه ، فيشفى ، ويصحّ |
وهي أحقاد تلظى تارة |
فإذا بي وبها : عفو وصفح |
وهي أحيانا ظلام دامس |
لا أرى أنّي له يطلع صبح |
فافتني يا شيخ ! هل لي بعدما |
جاءكم عنّي ،عمّا بي ندح |
ودع الساقي يدر كأس الطلا |
حسبه لله ، فالسّكر أصحّ |
في زمان ليس للحقّ به |
أيّ صوت إن أسفّ الدهر يلحو |
** |
** |
سكر الدّهر ، ولم يفطن إلى |
سكره حرّ أبيّ النفس قحّ |
فانتفى الإنصاف ، والعدل عفا |
وأسفّ الحكم ، فاستجبل سفح |
وأنا ما ذقت إلا كاسة |
عند قعوار وأخرى إذ ألحوا |
ضربوا الأمثال بي عربدة |
فلسكري عندهم : متن وشرح |
هيه يا رمز الأماني والمنى |
إنهم حيات ، رقطاء تفحّ |
لا يغرنك تقبيلهم |
يدك اليوم ، وتقريظ ومدح |
فغدا سوف ترى موقفهم |
منك ، يا مولاي ، إن أبرم صلح |
فثرى الأردنّ أن لم يرو من |
مائه الفياض ، لن يرويه ميح |
** |
** |
أيّها الشيخ ! الذي دستوره |
إنّما الإفتاء : توجيه ونصح |
بعضهم يسكر للسكر وفي الن |
اس من يسكر ، يا شيخ ليصحو |
كتب الله علينا شربها |
ليس خطّا كتب الله فنمحو |
قد قلوت القيل والقال وما |
ليس لي فيه غنى أو منه ربح |
ونذرت الصمت ، لما قيل لي : |
من يقول الحقّ يؤذي ويدحّ |
أنا إن أصمت ، فصمتي حسبه |
أنه صوت الأرقاء الأبح |
أيّها الباكي على أوطانه |
لا يردّ الروح للميت نوح |
بارك الظلم ، وصفق للأذى |
فهما نصر من الله وفتح |