الشعر مفتقر مني لمبتكر
|
ولست للشعر في حال بمفتقرِ
|
دعوت غُرَّ القوافي وهي شاردة
|
فأقبلت وهي تمشي مشي معتدل
|
وسَلمتني عن طوع مقادتها
|
فرحت فيهنَّ أجري جرى َ مقتدرِ
|
إذا أقمت أقامت وهي من خدمي
|
وأينما سرت سارت تقتفي أثري
|
صرَّفت فيهن أقلامي ورحت بها
|
أعرف الناس سحر السمع والبصر
|
ملكن من رقة رقُّ النفوس هوَى
|
من حيث أظربنا حتى قاسى الحجر
|
سقيتهن المعاني فارتوين بها
|
وكنَّ فيها مكان الماء في الثمر
|
كم تشرئب لها الأسماع مصغية
|
إذا تنوشدن بين البدو والحضر
|
طابقَت لفظي بالمعنى فطابقه
|
خلوا من الحشو مملوءاً من العبر
|
إني لأنتزع المعنى الصحيح على
|
عرى فأكسوه لفظاً قد من درر
|
سل المنازل عني إذ نزلت بها
|
ما بين بغداد والشهباء في سفري
|
ما جئت منزلة إلا بنيت بها
|
بيتاً من الشعر لا بيتاً من الشعر
|
وأجود الشعر مما يكسوه قائله
|
بوشي ذا العصر لا الخالي من العصر
|
لا يحسن الشعر إلا وهو مبتكر
|
وأي حسن بشعر غير مبتكر
|
ومن يكن قائل شعراً عن مفاخرة
|
فلست والله في شعر بمفتخر
|
وإنما هي أنفاس مُصعَدة
|
ترمي بها حسراتي طائر الشرر
|
وهن إن شئت مني أدمع غزر
|
أبكى بهن على أيامنا الغُرر
|
أبكى على أمة دار الزمان لها
|
قَبْلاً ودار عليها بعدُ بالغير
|
كم خلد الدهر من أيامهم خبراً
|
زان الطروس وليس الخُبر كالخَبر
|
ولست أدكر الماضين مفتخر
|
لكن أقيم بهم ذكرى بمدكر
|
وكيف يفتخر الباقون في عمه
|
بدارس من هدى الماضين مندثر
|
لهفي على العُرب أمست من جمودهم
|
حتى الجمادات تشكوا وهي في ضَجر
|
أين الجحاحد ممن ينتمون إلى
|
ذوابة الشرف الوضاح من مضر
|
قوم هم الشمس كانوا والورى قمر
|
ولا كرامة لولا الشمس للقمر
|
راحوا وقد أعقبوا من بعدهم عقباً
|
ناموا عن الأمر تفويضاً إلى القدر
|
أقول والبرق يسري في مراقدهم
|
«يا ساهر البرق أيقظ راقد السمرِ»
|
يا أيها العرب هبوا من رقادكم
|
فقد بدا الصبح وانجابت دُجى الخطر
|
كيف النجاح وأنتم لا اتفاق لكم
|
والعود ليس له صوت بلا وتر
|
مالي أراكم أقلّ الناس مقدرة
|
يا أكثر الناس عدًّا غير منحصر
|