لقد طوَّحتني في البلادُ مُضاعَا |
ظوائح جاءت بالخطوب تباعا |
فبارحت ارضاً ماملأت حقائبي |
سوى حبها عند البراح متاعا |
عتبت على بغداد عتب مودع |
أَمضَّته فيها الحادثات قِراعا |
أضاعتنيَ الأيام فيها ولو دَرَت |
لعز عليها ان اكون مضاعا |
لقد أرضعتني كل خَسفِ وإنني |
لأشكرها أن لم تُتم رَضاعا |
وما انا بالجاني عليها وانما |
نهضت خصاماً دونها ودفاعا |
وأعملت اقلامي بها عربية |
فلم تبد أصغاء لها وسماعا |
ولو كنت أدري انها أعجمية |
تخذت بها السيف الجراز يراعا |
ولو شئت كايلتُ الذين انطوَوْا بها |
على الحقد صاعا بالعداء فصاعا |
ولكن هيَ النفس التي قد أبت لها |
طباعَ المعالي أن تسوءَ طِباعا |
أبَيت عليهم أن أكون بذلّة |
وتأبى الضواري أن تكون ضباعا |
على أنني داريتُ ما شاء حقدَهم |
فلم يجدِ نفعاً ما أتيت وَضاعا |
وأشقى الورى نفساً وأضيعهم نهى ً |
لبيبٌ بداري في نُهاه رعاعا |
تركت من الشعر المديح لأهله |
ونزهت شعري أن يكون قذاعا |
وأنشدته يجلو الحقيقة بالنُّهى |
ويكشف عن وجه الصواب قناعا |
وأرسلته عفواً فجاءَ كما ترَى |
قوافي تجتاب البلاد سراعا |
وقفت غداة البين في الكرى وقفة |
لهاكربت نفسي تطير شعاعا |
أودَّع أصحابي وهم محدِقون بي |
وقد ضقت بالبين المشت ذراعا |
أودَعهم في الكرخ والطرْف مرسل |
إلى الجانب الشرقي منه شعاعا |
|
كأن برأسي يا أُميم صداعا |
وكنت أظن البينَ سهلا فمُذ أتى |
شَرَى البينُ مني ما أراد وباعا |
وإني جَبان في فِراق أحبتي |
وأن كنت في غير الفراق شجاعا |
كإني وقد جد الفراق سفينه |
أشالت على الريح الهجوم شِراعا |
فمالت بها الأرواح والبحر مائج |
وقد أشكت الواحها تتداعى |
فتحسبني من هزة في أفدعاً |
ترى هضاباً زلزلت وتلاعاً |
فما أنا إلا قومة وإنحناءة |
وسر أذاعته الدموع فذاعا |
رعى الله قوماً والرصافة كلما |
تذكرتهم زاد الفؤاد نزاعا |
أبيت وما أقوى الهموم بمضجع |
تصارعني فيه الهموم صراعا |
وألهو بذكراهم على السير كلما |
هبطت وهاداً أو علوت يفاعا |
هم القومُ أما الصبر عنهم فقد عَصى |
وأما اشتياقي نحوهم فأطاعا |
لقد حكَّموني في الأمور فلم أكن |
لأنطق إلا أمراً ومطاعا |
سلام على وادي السلام وإنني |
لأجعل تسليمي عليه وداعا |
له الله من واد تكاسل أهله |
فباتوا عِطاشا حوله وجياعا |
رآهم عبيداً فاستبد بمائه |
|
جرى شاكراً صنعَ الطبيعة إنها |
أبانت يداً في جانبيه الصناعا |
وما أنْسَ لا أنْسَ المياهَ بدَجلة |
وإن هي تجري في العراق ضَياعا |
ولو أنها تسقي العراق لما رَمَت |
|
وما وجدت ريح وإن قد تناوحت |
مَهباً به إلا قُرى وضِياعا |
سأجري عليها الدمعَ غير مضيع |
وأنوب قاعاً من هناك فقاعا |
وأذكر هاتيك الرباع بحسنها |
فنعمت على شَحط المَزارِ رباعا |