تهاوت أشجار السماء موسى حوامدة


أهيلا الترابَ على روحي
أُلقِيا جثةَ الغريب للغرابْ
الخرابُ
قبو الريح ِ تؤنسه الذئابْ
ليس للرغبة ناقوس
ليس للوحشة غرباء
ليس للبابِ
داخلون أو أعتابْ
ليس لليل سقف أو مزاريب
ليس لي سببٌ واحدٌ للبقاء

هنا ينتشر القهرُ
يحطُّ الذباب على أسطر الكتابة
الحرارة أخذت ندى الشعر
تهاوت أشجار السماء
تدلّى حبلُ غسيلٍ بلا ملابس
حبل غسيل أو حبل مشنقة
لا فرقَ بين إعدام القمصان واعدام الشعراء
ينسلُّ منهم خفةً مَلَكان نحو أوغاريت
تطيرُ ألواح الكتابة الكنعانية ,
تسدُّ منافذَ العودة للمنفى
يغلَقُ بابُ توما
ويشرقُ سيدُ الشعر بالصعاليك ,

ليس للمدينة سُرَّة
ليس للشعر نقادٌ يأخذون يد القصيدة للمهرجان
ليس للعتمة فانوس
ليس للصحراء نهر أو ذكريات

هنا ولدنا من أفكارنا
لم تأت أُمهاتنا زناً بنا
ولدنا فوق كومة القشِّ رأفةً بحال آبائنا الطيبين الطيبين
كانت لا تعوزهم الحكمة
لا تنقصهم الفطنة والذكاء
لكن عشب الأرض ناشف
رذاذها ناشف
حجرُ الدرب صوَّان
لا تقلعه الأيدي العاريات بلا مَهدَّات أو بارود !

أخذتنا المنافي للمنافي
جَرَّدتنا الخطيئة من خطانا
ومرضنا بالجوع والحنين
ليس للجوع معسكرٌ أو قائدٌ ميداني
ليس للحنين جماهير عريضة
وليس للذاهبين خيول أو ظلال ,

الحكمة ليست في حروف الروي
الحكمة في نفور الغواية
طيش الجبال
نزق الوديان
انكفاء الشمس عن تقبيل فم الهضبة ,

مشى الذئب يجرُّ جيفة الكلمات
أدركته اللعنة قبل الولادة بأربعين ريحا
اكتشفت الصحراءُ أنَّ بناتِ آوى أحنُّ على الغريب
حَلَّت لعنة الأسماء عليهما
الأول يوسف
الثاني يوسف
والثالث يوسف طعنَ الاثنين بسكين الوحشة
سقط الأول ,وترنح قلب الثاني
صارا ذئبين طريدين
, تعلقا بابنة الراوي ووجه الحكاية الجميل
نذيري وطن يستل سهامه وقيل أبناؤه ويرمي بهم للهاوية !

يا يوسف الثاني
يا الأول
يا الصاحب والأجمل
ليس بيني وبين أبيك سوى شجر الهزيمة
أغصان الريح لا تكشف سر الأنين ,
هيئتُ لكما كتابا وقلمين
من يكسر رأس الغواية
ويدون أوهام الرحلة ؟
من يكشف أسرار أوغاريت ؟
خذا وجهيكما عن مرآة العزلة
اخلعا عباءة الشؤم
كفنُ الغريب أسود
كفنا جسد السهوب
احملا أبيض الحسرة
نحو المقبرة
هلِّلا لطروادة
رحبا بالحصان الذي نسيَ أقدامه في ميدان الوقيعة
للفارس الذي لم يحملْ ترسا أو رمحا
لكنه كسب معركة الخسران,
يا يوسُف الأول
يا الثاني
يا يوسفي َّ
أهيلا التراب على جثة الغريب
ولا تأخذاني الى أوغاريت
ليس لي حيلةٌ لستر كعبي أو رصّ خطاي
ندمٌ زرعته في حديقة الشعر بعدكما
وما نما عشب أو نوار 00
اسكبا شعركما في أذن الطريق
أسمِعا السيارة حدو العيس
أمسكِا تلابيبَ الهاربين
لن تنشف الروح بعدكما
لن تختفي أوغاريت
لكنَّ شيئاً غامضا طوَّف في الفضاء
شيئا ساحرا رفَّ
..رفَّا
وطارت من جناح القلب
ريشتان
سقطتا عند حافة الريح
وأينعتا دخان .

عمان في 2اب 2002