ذاهبا باتجاه البحر موسى حوامدة

ذاهباً باتجاه البحر
كانت الريحُ تضربُ (بابَ الشمس)
وعلى مقربةٍ من أَنينِ الموجِ
شاهدتُ جثتي تسيرُ بلا كَفن
أدرتُ وجهِيَ للسماء
كان طلاء البحر قد أنشَبَ ألوانه في جسد الفضاء
وبدا الفراغ البعيد
شاهداً على رثاء روحي
روحي التي غادرت غيمها
تحلق بحثا عن سَمْتٍ جديد
////
يا للمدى
يا لَعَذاب الأم
الأم التي وَلَدت الغيمة والدالية
يا للشقيقة التي زرعتْ يديها بالعجين؛
فَنَبتَ باب العرش شجرُُوارفُ الظلال
ناضجُ الحكمة
يا للأبِ المُهْمَل
قابِع آخرَ النسيان
يَنتظرُ المُلقِن العجوز
يتمتم للتراب :
(… كنتُ منكَ وكنتَ مني
.. فَلِم نختلف الآن ؟
كنّا صديقين أَيُها الترابُ فَلِمن تَأْخُذُني ؟
كنا جسداً واحداً
من قبل أن تَطأ السماءُ كتفَ الولدِ الشقي
وتشوي الشمسَ في أتونها وتلوي الهلال
كنا صديقين
فلم تغدر بي الآن؟
دعني يا قفازَ يديّ
دعني شاهدا على صحو أهل الكهف
كي أُعَرِفهم على نوع العملة في مستقبل الأيام !)
*******
ذاهبا باتجاه الجبل الرابض فوق حصان الريح
كنت مطمئنا ؛
الريحُ صديقتي
الكلمات رفيقتي
البحرُ أكثر المخلوقات نوماً تحت إبطيَّ
الزمانُ طوع خطاي
النهار ,الضحى ,العِشاء خواتمُ فضةٍ في أصابعي
كنت محملا بأسماء الله التسعة والتسعين
تمنيت لو اكتمل العدُّ وصار نشيدي خاتمة الآيات
كنت موقنا أن الحياة لا تستحق الحياة
لكن شيئا غامضا لفّني في قماش من لحاء الهباء
أو خشب الفراغ
أشعل الله قنديل المعرفة :
فتحت عيوني ؛
…كانت النسوة يمنعن الرجالَ من أكل التفاح
كي يطعمنه خلسة للغرباء
اشتهيت حبة لوز ,
لم أقتربْ من الإغواء
لم أذقْ طعمَ الفاكهة ولم تمسَّ حواسي الزقوم
طويتُ كشحاً من شدة الجوع
آثرت السكينة
لكنني وجدت صفا طويلا للوداع :
[ اهبط إلى هناك ]
لم أقترب من ثمر البساتين قلت
لم تلمسْ يدي شجر الجنة
لم أذق طعم المعرفة
بقيتُ محبوسا في جوعي وضلوعي تشهد
سحنتي تشهد
أمعائي تشهد
ردَّت النسوة :
من أكل تفاحنا إذن أيها الغريب ؟؟
/////
أُمِرْتُ
أَطَعْتُ
أَطَعْتُ لُعنْتُ
لُعنتُ عَرفت
عرفت طُردت
ألفيتُ نفسي جانب البحر
وجدت على الرمل آثار خطى آدمية ,
أكفانا , هياكلَ عظميةً تتمشى
مناديلَ حريرٍ ,فؤوسا
قوارير ,حليا وملابس
تماثيل من ذهب ورخام
وقيثارة ملقاة باب الشمس
منقوش عليها [ صنعت خصيصا للورثة غير الشرعيين للريح ]
حملت القيثارة
رأيت أفاعي تسعى من أقصى الصحراء
لم أرتجف
انحنيت للآلهة
قبّلت التربة
سَجدتُ للغراب
عزفتُ قليلا
بدأتْ الجبالَ تهتز
السماء تذرفُ موسيقى جنائزية
الأشجارُ عاريةً تنوح
كان العزف على القيثارة
آخرَ ما يفعله المنبوذون من أعلى
المنبوذون من أسفل
المنبوذون من جهة البحر .

عمان 9/8/2000