يا صاحبي يحيى السماوي

إلى أخي الشاعر أحمد الصالح : صدىً لقصيدته " المغرّبِ المشرّق" المنشورة في المجلة الثقافية العدد (102) بتاريخ 18/4/2005م

داويتُ جُرحي  والزمـــــــانُ طبيبُ

بالصبرِ أطحنُ صَخرَهُ وأُذيــــــــبُ

لا أدّعي جَلَداً ..ولكــــــــــنْ للهوى

حُكُمٌ يُطاعُ بشرعِهِ المحبــــــــــوبُ

أسلَمتُهُ أمــــــــــــــري وأعلَمُ أنني

حطَبٌ .. وأما دربُـــــــــهُ  فلَهيبُ

أحببتُهُ حتْمــــــاً علــــــــــيَّ لأنهُ

كُلّي : صِباً وطفولةً ومَشيــــــــبُ

 جرَّبتُ أن لا أستجيب فعابنـــــــــي

شَرفي .. وهَدّدَ بالخِصامِ نســــيبُ

هو من غصوني المورقاتِ جذورُها

هل للغصونِ من الجذورِ هروبُ ؟

حيناً يُنيبُ ضُحايَ عن دَيجــــورِهِ

غمّاً وحيناً عن ضُحاهُ أنــــــــوبُ

عاندْتهُ يوماً فعانَدَ مِعزَفـــــــــــي

لحْني  وجفَّ على فمي التطْريبُ

ورأيتُ أن العاشقينَ تعاضدوا

ضدي وقالت بالجفاءِ عَـــــروبُ

 كُتِبَ الوفاءُ عليَّ دونَ إرادتـــــــــي

فاللوحُ قبلَ ولادتي مكتــــــــــــــوبُ !

قدْ ثاب لو أنَّ الجنونَ يثـــــــــــوبُ

وأجابَ لو أنَّ القتيلُ يُجيـــــــــــــبُ

صبٌّ ولا كالآخرينَ: ضلــــــــوعُهُ

نخلٌ ..وأما قلبُـــــــهُ فشــــــــــعوبُ

قدْ كان أقسمَ أن يموتَ على هوىً

وإن استخفَّ بعشقهِ المحبـــــــــوبُ

ضاقتْ بهِ – قبل الديـــارِ- هواجسٌ

وتَقاذَفَتْهُ ملاجــــــــــــيءٌ ودروبُ

 ما أنْ يُكحّلَ بالشروقِ جفــــــــونَهُ

حتى يخيطُ المقلتيــــــــــنِ غروبُ

يمشي بهِ الوَجَعُ المُذِلُّ ويرتــــعي

دمَهُ اشتياقٌ أنْ يُطِلَّ حبيـــــــــبُ

تلهو بزورقهِ الرياحُ وتَستبـــــــي

أيامَهُ أنّى أقـــــــــــامَ خطــــوبُ

"ليلاهُ" في حضنِ الغُزاةِ سبيـــئَـةٌ

أما العشيرُ فسيفُهُ معضــــــــوبُ (1)

أجَل .. البلادُ نجيبةٌ يا صاحبـــــي

والنخلُ والنهرُ الجريحُ نجيـــــــــبُ

 لكنَّ بعضَ "رؤوسِنا" يا صاحبــــــي

جُبِلتْ على فَسَدٍ فليسَ تثـــــــــــــوبُ

غرسوا بنا سُلَّ الشـــــــــقـــاقِ فلَيْلُنا

مُتَأبِدٌ … وصباحُنا مَعصــــــــــوبُ

بتْنا لفأسِ الطائفيــــــــــــــةِ مَحطباً

فلكلِّ  حقلٍ "سادنٌ" و"نقيــــــــــبُ"

عِللُ العراقِ كثيرةٌ … وأضـــــرُّها

أنَّ الجهادَ "الذبـــــــحُ" و"التسليبُ"  (2)

 وطنٌ ولكنْ للفجيــــــــعةِ … ماؤهُ

قيحٌ… وأمّا خبزُهُ فنَحيــــــــــــــــبُ

 مسلولةٌ أنهــــــــــــــــارُهُ … ومَهيضَةٌ   

أطيارُهُ … ونخيـــــــــــــلهُ مصلوبُ

" قومي هموُ قتلوا أُميمَ أخـــــــي" ولا(3)

ذنبٌ سوى أنَّ القتيـــــــــــــــلَ قريبُ

أُكذوبةٌ تحريرنا يا صاحبــــــــــــــــي

والشاهدان: الظلمُ والتعذيـــــــــــــــبُ

أُكذوبةٌ حرّية الإنســـــــــــــــــانِ في

وطنٍ يسوسُ بهِ الجميعَ "غريـــــبُ"

مُدُنٌ تُبادُ بزعمِ أنّ  "مُخــــــــــــرّباً"

فيها … وطبع " محرري" التخريبُ  (4)

 وحشيّةٌ تندى لقســـــــــــــــــوةِ نابِها

خَجَلاً ضباعُ قفارِهِ والذيــــــــــــــبُ

أكذوبةٌ أن يستحيـــــــــــــــلَ غزالةً

ذئبٌ … وحقلاً للأمانِ حــــــروبُ

مالي أبثّكَ يا نديــــــــــــــمَ قريحتي

شجَني وفيكَ من الهُمومِ سُــــهُوبُ ؟

هل نحن إلا أمةٌ مغلوبــــــــــــــــةٌ

رأتِ المَشورةَ ما يقــــــولُ مُريبُ ؟

ما نفعُ توحيدِ اللســـــــــــــانِ لأمةٍ

إنْ لمْ تُوحّـــــــــــــدْ أذْرعٌ وقلوبُ ؟

هي أمةٌ أعداؤها منـــــــــــــها ... متى

طارَ الجناحُ وبعضُهُ معطـــــــــوبُ ؟

من أين يأتينا الأمانُ و "بعضنـــــــــــا "

لِعدوّنا والطامعينَ ربيــــــــــــــــــبُ ؟

ومُدَجّجٍ بالحقدِ ينْخـــــــــــــــــرُ قلبهُ

ضَغَنٌ إذا قادَ الجموعَ لبيـــــــــــبُ (5)

حازَ العيوبَ   جميعها فكــــــــــأنه

مأوىً رأتْ فيهِ الكمالَ عيــــــــوبُ

أعمى البصيرةِ فيهِ من خُيلائِـــــــهِ

مسٌ ومن صدأ الظنونِ رسيـــــبُ

 إنْ قامَ يخطبُ فهو "عنترةُ" الفتــى

و" الحارسُ القوميُّ" و "الرعبــوبُ"

أمّا إذا شَهَرَ الحســـــــــــــامَ عدوَُهُ

عندَ النزالِ فإنهُ "شيبـــــــــــــوبُ" !

وهو "الأديب الفيلسوف " وفكرُهُ

فلسٌ بسوقِ حماقةٍ مضـــــــــروبُ

هل نحن إلا أمـــــــــــــــةٌ مغلوبةٌ

فإلى مَ يشكو العاشقُ المغلـــوبُ ؟

لا بدّ من غَرَقِ السفينِ إذا انبـــرى

لقيادها " المنبوذُ" و" المجــــذوبُ" (6)

 يا "صالحاً" في الدنييــــــــنِ أرحمةٌ

هذا الهوى ؟ أم لعنةٌ وذنــــــــــوبُ ؟

أجفو نعيمَ المارقيـــــــــنَ وإنْ سعى

لي منهُ صحنٌ بالقطــــــافِ خضيبُ

لو كنتُ خبّاً لأغترفـــــــــــتُ وإنّما

كفّي – كقلبي- زاهدٌ وقشيــــــــــبُ (7)

باقٍ على هذا الهوى ولــــو انـّـــــــه

سببٌ بهِ عاشَ الشــــــــــقاءَ تَروبُ (8)

ثلثا دمي ماءُ الفــــــــــــــــراتِ وثلثُهُ

طينٌ بدمعِ المتعبيــــــــــــــنَ مَذوبُ

 شكراً تقي العشقِ باسم صبـــــــابتي

" والشكرُ موصولٌ بهِ الترحيـــــبُ"

*****

(1) المعضوب : من لا ناصر له . ومن معانيه الضعيف
(2) إشارة الى الجرائم التي شوهت الوجه الناصع للمقاومة الوطنية المشروعة
(3) تضمين من البيت الشهير
قومي همو قتلوا أميم أخي
فأذا رميت اصابني سهمي
البيت اشارة الى جريمة احتلال الكويت من قبل صدام
(4)إشارة الى جريمة دك المدن العراقية بساكنيها والتي تقوم بها قوات الأحتلال تحت ذريعة البحث عن بعض الأرهابيين
(5)في البيت وما بعده إشارة الى زعيم عربي مفرط النرجسية وضع خطة ارهابية لأغتيال قائد عربي كان قد جند نفسه لخدمة الأمتين العربية والأسلامية .
(6) كثيرا ما تكون بعض القيادات العربية السبب الجوهري لدمار شعوبها وأحتلال أوطانها ولعل النظام العراقي السابق خير مثال
(7) الخب : المخادع ، المراوغ ، الأنتهازي
(8) ما بين الأقواس تضمين من قصيدة الشاعر أحمد الصالح