لم يعد في طاقة الزراع أحمد مطر

لَمْ يَعُدْ في طاقَةِ الزُّرّاعِ
أن يَنتَصبوا.
عُرْيُهُمْ عارٍ
وَحَتّى الجُوعُ فِيهمْ سَغِبُ!
وَبَقايا جِلْدِهِمْ راياتُ ذِكرى
بَقِيَتْ في الرِّيحِ تُذْرى
ما احتَوَى أطرافَها عَظْمٌ
ولا شَدَّ عُراها عَصَبُ.
هي بَلوى
ساقُها استقوى
وَأبدى بُرْعُمَ الشّكوى
وإن ثارَ
فَلَن يُزهِرَ إلاّ الشَّغَبُ.
**
حَقَّ للِحُرّاسِ، رَغْمَ البأسِ،
أن يَضطرِبوا.
إنَّهُمْ لو واصَلُوا الضَّرْبَ
فَلَن يبقى لَدى الزُّرّاعِ مِن رَدٍّ
سِوى أن يُضرِبوا.
والّذي يَسْتَعمِرُ الضَّيعةَ
لَن يَرْحَمَهُمْ
إن حَلَّ فيها الجَدَبُ.
وَقَعوا
ما بينَ جَمْرٍ فَوقَهُمْ يَهوي
وَنارٍ تَحتَهُمْ تَلتَهبُ!
كَيفَ يَحتالونَ؟
لا حَلَّ سِوى أن يَقلِبوا ألوانَهُمْ
أو يُقلَبوا.
خاطَبوا مُستعمِرَ الضَّيْعةِ سِرَّاً:
رَبَّنا مِنْكَ إليكَ المَهْرَبُ.
أَعطِنا الإذْنَ
بأن نبكي على الزُّرّاعِ كِذْباً
رَيْثَما تَذبُلُ شكواهُمْ وَيذوي الغَضَبُ.
جُنَّ مِمّا طَلَبوا.
ساءَهُ أن يَصْدُقوا
حَتّى وَلَوْ هُمْ كَذَبوا!
قالَ: كَلاّ..
لَيسَ للِمأجورِ حَقُّ الإنتحابْ
هُوَ حَقُّ المُنتَقى بالإنتخابْ
وأنا عَيَّنْتُكم كي تَضربوا أو تُضرَبوا.
لَيسَ فِيكُمْ أحَدٌ مُنتَخَبُ!
**
أنتَ أيضاً مِثلُهُمْ لم تُنتخَبْ
فاذهَبْ إِذَنْ عَنّا.. وَدَعْهُمْ يَذهبوا!
فإذا رُحْت أرَحْنا ظَهْرَنا مِنُهمْ
وَلَوْ هُمْ ذَهَبوا
يُقطَعُ عَنكَ الذَّهَبُ
وَسَنجني بَعْدَ هذا ما زَرَعْنا
وبأيدينا يكونُ المكسبُ.
فاكفِنا مِن صِدْقِكَ الكاذبِ
والعَبْ غَيرَها يا ثَعلَبُ!