يا سعد هذي الليلة الزهراء جبران خليل جبران

يا سعد هذي الليلة الزهراء

جددت عهد السعد بالحمراء

جددت في مصر في الدار التي

كانت وظلت ملتقى الأمراء

في حيث أعلى المالكين مكانة

نزلوا منازلهم من العلياء

في حيث إسماعيل لاح بنبله

فوق السهى لضيوفه النبلاء

هل كان إسماعيل إلا صورة

شرقية للعزة القعساء

بنداة وادي النيل سال وبالذي

أسداة طال على الذرى الشماء

أنظر إلى آثاره يزهى بها

قطراه في دانيهما والنائي

هذي الجزيرة من بدائع خلقه

بغياضها ورياضها الفيحاء

وبنائها الفخم البديع نظامه

من صنع ذاك المبدع البناء

لله آيات الصناعة في الدمى

من شارك الرحمن في الإحياء

لله ناطقة النقوش أهكذا

تعطى الكلام جوامد الأشياء

لله مطفرة تصعد قطرها

وترده صببا على الأنحاء

تجد النجوم حيالها ضحاكة

بشعاعها بكاءة بالماء

قد أخلفت بسكونها وصفائها

فعل النجوم مثيرة الأنواء

هل غير هذا الصرح زين بمثل ما

فيه لإيناس وحسن لقاء

وقرى العيون من الطرائف والحلى

غير القرى من مشرب وغذاء

يا من له صدر المقام تجلة

وهو النزيل وليس كالنزلاء

هذي هي الدار التي قلدتها

شرفا به تاهت على الجوزاء

شرف به النبأ البعيد دويه

يختال معتزا على الأنباء

ولآل لطف الله منه كرامة

ستظل في الأحفاد والأبناء

إني لهذا الفضل عنهم شاكر

والشكر في السادات خير وفاء

شكر زها شعري به متهللا

كتهلل النوار بالأنداء

أنى تكن لا غرو أن يلفى الحمى

وبه روائع من سنى وسناء

أفلم تكن شبل الحسين ورأيه

وفرنده في السلم والهيجاء

ملك به رحم النبوءة واشج

وله جلال الصيد في الخلفاء

أهدى العروش إلى بنيه وبثهم

في الشرق بث الشمس للأضواء

أعظم بعبد الله نجلا صالحا

يقفو أباه حجى وحسن بلاء

فيه النزاهة والنباهة يعتلي

بهما على الأنداد والنظراء

جمع الوداعة والإباء فحبذا

هو من أمير وداعة وإباء

خلقان كلهما إليه قد انتهى

عن أكرم الأجداد والآباء

وله مروءات تجاب بذكرها

جوب الرياض مجادب البيداء

وله فضائل إن تحدث عارف

عنها عرته نشوة الصهباء

وله وقائع في البسالة يزدهي

بصغارهن أكابر البسلاء

وله طرائف في السماحة نقحت

ما أخطأته طرائق السمحاء

فهو الحبيب إلى الولاة مصافيا

وهو البغيض وغى على الأعداء

لا زلت عبد الله في هام العلى

تاجا يفيض بباهر اللألاء

للمجد سر فيك ناط به غدا

وغدا يحقق فيك خير رجاء