وطن الثعابين رافع خيري حلبي

في وطن ِ الثعابينَ
أسلحةٌ كثيرةٌ ونيران
وأنيابٌ مليئة ٌ بالسَّمِّ
وأفواهٌ مُتعَفِّنة ٌ
وهياكِلُ عظام ٍ بشرية ٍ
تحْرُثُ الأرضَ
فتنبتُ أشجارُ الزيتون
في مستنقع ِ الثعبان ِ الأكبر

* * *

يزوِّرونَ التاريخَ
ولئلا يُزوَّرُ التاريخُ سأكتب
فنحنُ نعيشُ في وطن ٍ
تلطخَ جَبينـُه ُ
واسودَّت سماؤُهُ
وأسَرٌ في الحَضيض ِ
تأكلُ خبزَ حرام ٍ
يطحنونَ العدسَ والأرزَ
بدلاً من القمح ِ
طحينـُهُمْ رمـَـادٌ
وَخُبْزهُمْ تـُرابٌ
كالنـَّار ِ الباردة ِ بَعدَ الحريق ِ
وَيَرْحَلُ جَبانٌ
لكنَّ الطـِّيبَة َ فِينـَا
وَحْيٌ مِنْ عَراقة ِ أجْدَادِنَا . . .
نحْنُ كشَجَر ِ الزَّيْتون ِ الأخْضَرَ
غـَرَسَهُ الأجْدادُ
في تـُربَة ٍ جَبلية ٍ خصبة ٍ
يُعْطي . . . يُعْطي الثـِّمارَ
حَتـَّى في أيَام ِ القـَحْطِ
وَيومَ تكثـُرُ الثـَّعابـِينَ
في وَطنِي . . وَطن ِ الحرِّيـَة ِ . . .
يوْمَ يُصْبحُ الخبزُ الأبْيضُ
خَلِيطـَ الأرزِّ والعَدس ِ
ويُقلب الهَرَمَ . . .
أقـِفُ عَالِـياً وَفِياًّ في وَطني
وأصْرُخُ . . .
فتمُوتُ الثـَّعَابينَ في الجُّحُور ِ
كمَا جَاءَ في الحِكمَة ِ الشَّريفة ِ
والكتب ِ المُقـَدَّسَة ِ
وَيَنتهـِي خَلِيطـُ العَدَس ِ . . .
وَيَعُودُ إلى ذاكرَتِه ِ الهَرَمُ
فـَيُحدِّثُ عَنْ أطفال ٍ جياع ٍ
وَأحْفاد ٍ أبْطال ٍ شُرَفاءَ
يـَتـَحدُّونَ الثـَّعابينَ والمَوْتَ
حتـَّى في وَطن ِ الثـَّعابينَ

* * *

في وَطن ِ الثـَّعابينَ
دينُ الثـَّعابينَ دنانِيرُهُمْ
لكنَّهُمْ لا يَأكلـُونَ
إلا خُبزَ الأوْفِـياءَ........