طربتْ ، وَ لولاَ الحلمُ أدركني الجهلُ |
وَعَاوَدَنِي مَا كَانَ مِنْ شِرَّتِي قَبْلُ |
فَرُحْتُ، كَأَنِّي خَامَرَتْنِي سَبِيئَة ٌ |
منَ الراحِ ، منْ يعلقْ بها الدهرَ لا يسلو |
سَلِيلَة ُ كَرْمٍ، شَابَ فِي المَهْدِ رَأْسُهَا |
وَ دبَّ لها نسلٌ ، وَ ما مسها بعلُ |
إِذَا وَلَجَتْ بَيْتَ الضَّمِيرِ، رَأَيْتَهَا |
وراءَ بناتِ الصدرِ ، تسفلُ ، أو تعلو |
كَأَنَّ لَهَا ضِغْناً عَلَى الْعَقْلِ كَامِناً |
فَإِنْ هِيَ حَلَّتْ مَنْزِلاً رَحَلَ الْعَقْلُ |
تعبرُ عنْ سرَّ الضميرِ بألسنٍ |
منَ السكرِ مقرونٍ بصحتها النقلُ |
مُحَبَّبَة ٌ لِلنَّفْسِ، وَهْيَ بَلاَؤُها |
كَمَا حُبِّبَتْ فِي فَتْكِهَا الأَعْيُنُ النُجْلُ |
يَكَادُ يَذُودُ اللَّيْثَ عَنْ مُسْتَقَرِّهِ |
إِذَا ما تَحَسَّى كَأْسَهَا الْعَاجِزُ الْوَغْلُ |
تَرَى لِخَوَابِيهَا أَزِيزاً، كَأنَّهَا |
خَلاَيَا تَغَنَّتْ فِي جَوَانِبِهَا النَّحْلُ |
سَوَاكِنُ آطَامٍ، زَفَتْهَا مَعَ الضُّحَى |
يدا عاسلٍ يشتارُ ، أوْ خابطٍ يفلو |
دنا ، ثمَّ ألقى النارَ بينَ بيوتها |
فطارتْ شعاعاً ، لا يقرُّ لها رحلُ |
مروعة ٌ ، هيجتْ ، فضلتْ سبيلها |
فَسَارَتْ عَلَى الدُّنْيَا، كَمَا انْتَشَرَ الرِّجْلُ |
فبتُّ أداري القلبَ بعضَ شجونهِ |
وأَزْجُرُ نَفْسِي أَنْ يُلِمَّ بِهَا الْهَزْلُ |
وَ ما كنتُ أدري - وَ الشبابُ مطية ٌ |
إلى الجهلِ - أنَّ العشقَ يعقبهُ الخبلُ |
رمى اللهُ هاتيكَ العيونَ بما رمتْ |
وَ حاسبها حسبانَ منْ حكمهُ العدلُ |
فَقَدْ تَرَكْتَنِي سَاهِي الْعَقَلِ، سَادِراً |
إلى الغيَّ ، لاَ عقدٌ لديَّ ، وَ لاَ حلٌّ |
أَسِيرُ، وَمَا أَدْرِي إِلى أَيْنَ يَنْتَهِي |
بِيَ السَّيْرُ، لكِنِّي تَلَقَّفُنِي السُّبْلُ |
فَلاَ تَسْأَلَنِّي عَنْ هَوَايَ؛ فَإِنَّنِي |
وَرَبِّكَ أَدْرِي كَيْفَ زَلَّتْ بِيَ النَّعْلُ؟ |
فَمَا هِيَ إِلاَّ أَنْ نَظَرْتُ فُجَاءَة ً |
بحلوانَ حيثُ انهارَ ، وَ انعقدَ الرملُ |
إِلَى نِسْوَة ٍ مِثْلِ الْجُمَانِ، تَنَاسَقَتْ |
فرائدهُ حسناً ، وَ ألفهُ الشملُ |
منَ الماطلاتِ المرءَ ما قدْ وعدنهُ |
كذاباً ؛ فلا عهدٌ لهنَّ ، وَ لاَ إلٌّ |
تكنفنَ تمثالاً منَ الحسنِ رائعاً |
يُجَنُّ جُنُوناً عِنْدَ رُؤْيَتِهِ الْعَقْلُ |
فكانَ الذي لولاهُ ما درتُ هائماً |
أَرُودُ الْفَيَافِي، لاَ صَدِيقٌ، وَلاَ خِلُّ |
فويلمها منْ نظرة ٍ مضرجية ٍ |
رُمِيتُ بِهَا مِنْ حَيْثُ وَاجَهَنِي الأَثْلُ |
رُمِيتُ بِهَا وَالْقَلْبُ خِلْوٌ مِنَ الْهَوَى |
فَمَا بَرِحَتْ حَتَّى اسْتَقَلَّ بِهِ شُغْلُ |
لقدْ علقتْ ما ليسَ للنفس دونها |
غَنَاءٌ، وَلاَ مِنْهَا لِذِي صَبْوَة ٍ وَصْلُ |
فَتَاة ٌ يَحَارُ الطَّرْفُ في قَسَمَاتِهَا |
لها منظرٌ منْ رائدِ العينِ لا يخلو |
لَطِيفَة ُ مَجْرَى الرُّوحِ، لَوْ أَنَّهَا مَشَتْ |
عَلَى سَارِبَاتِ الذَّرِّ مَا آدَهُ الْحِمْلُ |
لها نظرة ٌ سكرى ، إذا أرسلتْ بها |
إلى كبدٍ ؛ فالويلُ منْ ذاكَ وَ الثكلُ |
تُريقُ دِمَاءً حَرَّمَ اللهُ سَفْكَهَا |
وَتَخْرُجُ مِنْهَا، لاَ قِصَاصٌ، ولا عَقْلُ |
لنا كلَّ يومٍ في هواها مصارعٌ |
يهيجُ الردى فيها ، وَ يلتهبُ القتلُ |
مصارعُ شوقٍ ، ليس يجري بها دمٌ |
وَ مرمى نفوسٍ لا يطيرُ بهِ نبلُ |
هنيئاً لها نفسي ، على أنَّ دونها |
فوارسَ ، لا خرسُ الصفاحِ ، وَ لاَ عزلُ |
مِنَ الْقَوْمِ ضَرَّابِي الْعَرَاقِيبِ وَالطُّلَى |
إِذَا اسْتَنَّتِ الْغَارَاتُ، أَوْ فَغَرَ الْمَحْلُ |
إِذَا نَامَتِ الأَضْغَانُ عَنْ وَتَرَاتِهَا |
فَقَوْمِيَ قَوْمٌ لاَ يَنَامُ لَهُمْ ذَحْلُ |
رجالٌ أولو بأسٍ شديدٍ ونجدة ٍ |
فَقَوْلُهُمُ قَوْلٌ، وَفِعْلُهُمُ فِعْلُ |
إِذَا غَضِبُوا رَدُّوا إِلَى الأُفْقِ شَمْسَهُ |
وَ سالَ بدفاعِ القنا الحزنُ والسهلُ |
مساعيرُ حربٍ ، لا يخافونَ ذلة ً |
ألا إنَّ تهيابَ الحروبِ هوَ الذلُّ |
إذا أطرقوا أبصرتَ ، بالقومِ خيفة َ |
لإطراقهمْ ، أوْ بينوا ركدَ الحفلُ |
وَ إنْ زلتِ الأقدامُ في دركِ غاية ٍ |
تَحَارُ بِهَا الأَلْبَابُ كَانَ لَهَا الْخَصْلُ |
أولئكَ قومي ، أيَّ قومٍ وعدة ٍ |
فلا ربعهمْ محلٌ ، وَ لاَ ماؤهمْ ضحلُ |
يَفِيضُونَ بِالْمَعْرُوفِ فَيْضاً، فَلَيْسَ فِي |
عطائهمُ وعدٌ ، وَ لاَ بعدهُ مطلُ |
فزرهمْ تجدْ معروفهمْ دانيَ الجنى |
عَلَيْكَ، وَبابَ الْخَيْرِ لَيْسَ لَهُ قُفْلُ |
تَرَى كُلَّ مَشْبُوبِ الْحَمِيَّة ِ، لمْ يَسِرْ |
إِلَى فِئَة ٍ إِلاَّ وَطَائِرُهُ يَعْلُو |
بَعِيدُ الْهَوَى ، لاَ يَغْلِبُ الظَّنُّ رَأْيَهُ |
وَ لاَ يتهادى بينَ تسراعهِ المهلُ |
تصيحُ القنا مما يدقُّ صدورها |
طِعَاناً، وَيَشْكُو فِعْلَ سَاعِدِهِ النَّصْلُ |
إِذَا صَالَ رَوَّى السَّيْفُ حَرَّ غَلِيلِهِ |
وَإِنْ قَالَ أَورَى زَنْدَهُ الْمَنْطِقُ الْفَصْلُ |
لهُ بينَ مجرى القولِ آياتُ حكمة ٍ |
يَدُورُ عَلَى آدَابِهَا الْجِدُّ وَالْهَزْلُ |
تلوحُ عليهِ منْ أبيهِ وجدهِ |
مَخَايِلُ سَاوَى بَيْنَهَا الْفَرْعُ وَالأَصْلُ |
فَأَشْيَبُنَا فِي مُلْتَقَى الْخَيْلِ أَمْرَدٌ |
وَ أمردنا في كلَّ معضلة ٍ كهلُ |
لَنَا الْفَصْلُ فِيمَا قَدْ مَضَى ، وَهْوَ قَائِمٌ |
لَدَيْنَا، وَفِيمَا بَعْدَ ذَاكَ لَنَا الْفَضْلُ |