عَصَيْتُ نَذِيرَ الْحِلْمِ فِي طَاعَة ِ الْجَهْلِ |
وَأَغْضَبْتُ فِي مَرْضَاة ِ حُبِّ الْمَهَا عَقْلِي |
وَنَازَعْتُ أَرْسَانَ الْبَطَالَة َ وَالصِّبَا |
إِلَى غَايَة ٍ لَمْ يَأْتِهَا أَحَدٌ قَبْلِي |
فخذْ في حديثٍ غيرِ لومي ، فإنني |
بجبَّ الغواني عنْ ملامكَ في شغلِ |
إذا كانَ سمعُ المرءِ عرضة َ ألسنٍ |
فما هوَ إلاَّ للخديعة ِ وَ الختلِ |
رُوَيْدَكَ، لاَ تَعْجَلْ بِلَوْمٍ عَلَى امْرِىء ٍ |
أَصَابَ هَوَى نَفْسٍ؛ فَفِي الدَّهْرِ مَا يُسْلِي |
فليستْ بعارٍ صبوة ُ المرءِ ذي الحجا |
إذا سلمتْ أخلاقهُ من أذى الخبلِ |
وَإِنِّي وَإِنْ كُنْتُ ابْنَ كَأْسٍ وَلَذَّة ٍ |
لَذُو تُدْرَإٍ يَوْمَ الْكَرِيهَة ِ وَاْلأَزْلِ |
وَقُورٌ، وَأَحْلاَمُ الرِّجَالِ خَفِيفَة ٌ |
صبورٌ ، وَ نارُ الحربِ مرجلها يغلي |
إِذَا رَاعَتِ الظَّلْمَاءُ غَيْرِي، فَإِنَّمَا |
هلالُ الدجى قوسي ، وأنجمهُ نبلي |
أنا ابنُ الوغى ، والخيلِ ، والليلِ ، والظبا |
وَسُمْرِ الْقَنَا، وَالرَّأْيِ، وَالْعَقْدِ، والْحَلِّ |
فَقُلْ لِلَّذِي ظَنَّ الْمَعَالي قَريبَة ً |
رويداً ؛ فليسَ الجدُّ يدركُ بالهزلِ |
فَمَا تَصْدُقُ الآمَالُ إِلاَّ لِفَاتِكٍ |
إذا همَّ لمْ تعطفهُ قارعة ُ العذلِ |
لَهُ بِالْفَلا شُغْلٌ عَنِ الْمُدْنِ وَالْقُرَى |
و في رائداتِ الخيلِ شغلٌ عنِ الأهلِ |
إذا ارتابَ أمراً ألهبتهُ حفيظة ٌ |
تميتُ الرضا بالسخطِ ، والحلمَ بالجهلِ |
فَلاَ تَعْتَرِفْ بِالذُّلِّ خَوْفَ مَنِيَّة ٍ |
فَإِنَّ احْتِمَالَ الذُّلِّ شَرٌّ مِنَ الْقَتْلِ |
وَلاَ تَلْتَمِسْ نَيْلَ الْمُنَى مِنْ خَلِيقَة ٍ |
فَتَجْنِي ثِمَارَ الْيَأْسِ مِنْ شَجَرِ الْبُخْلِ |
فما الناسُ إلاَّ حاسدٌ ذو مكيدة ٍ |
وَ آخرُ محنيُّ الضلوعِ على دخلِ |
تِبَاعُ هَوًى ، يَمْشُونَ فِيهِ كَمَا مَشَى |
و سماعُ لغوٍ ، يكتبونَ كما يملى |
وَمَا أَنَا وَالأَيَّامُ شَتَّى صُرُوفُهَا |
بِمُهْتَضِمٍ جَارِي، وَلاَ خَاذِلٍ خِلِّي |
أَسِيرُ عَلى نَهْجِ الْوَفَاءِ سَجِيَّة ً |
و كلُّ امرئً في الناسِ يجري على الأصلِ |
تَرَكْتُ ضَغِينَاتِ النُّفُوسِ لأَهْلِهَا |
وَأَكْبَرْتُ نَفْسِي أَنْ أَبِيتَ عَلَى ذَحْلِ |
كذلكَ دأبي منذُ أبصرتُ حجتي |
وليداً ؛ وَ حبُّ الخيرِ منْ سمة ِ النبلِ |
وَ ربَّ صديقٍ كشفَ الخبرُ نفسهُ |
فعاينتُ منهُ الجورَ في صورة ِ العدلِ |
وَهَبْتُ لَهُ مَا قَدْ جَنَى مِنْ إسَاءَة ٍ |
وَلَوْ شِئْتُ، كَانَ السَّيْفُ أَدْنَى إِلَى الْفَصْلِ |
وَ مستخبرٍ عني ، وما كانَ جاهلاً |
بشأني ، وَ لكنْ عادة ُ البغضِ للفضلِ |
أَتَى سَادِراً، حَتَّى إِذا قَرَّ أَوَجَسَتْ |
سويداؤهُ شراً ؛ فأغضى على ذلَّ |
وَمَنْ حَدَّثَتْهُ النَّفْسُ بِالْغَيِّ بَعْدَ مَا |
تَنَاهَى إِلَيْهِ الرُّشْدُ سَارَ عَلى بُطْلِ |
وَإِنِّي لأَسْتَحْيِي مِنَ الْمَجْدِ أَنْ أُرَى |
صَرِيعَ مَرَامٍ لا يَفُوزُ بِهَا خَصْلِي |
أقولُ وأتلو القولَ بالفعلِ كلما |
أَرَدْتُ؛ وَبِئْسَ الْقَوْلُ كَانَ بِلا فِعْلِ |
أَرَى السَّهْلَ مَقْرُوناً بِصَعْبٍ، وَلا أَرَى |
بغيرِ اقتحامِ الصعبِ مدركَ السهلِ |
و يومٍ كأنَّ النقعَ فيهِ غمامة ٌ |
لها أثرٌ منْ سائلِ الطعنِ كالوبلِ |
تَقَحَّمْتُهُ فَرْداً سِوَى النَّصْلِ وَحْدَهُ |
وَحَسْبُ الْفَتَى أَنْ يَطْلُبَ النَّصْرَ بِالنَّصْلِ |
لَوَيْتُ بِهِ كَفِّي، وَأَطْلَقْتُ سَاعِدِي |
وَقُلْتُ لِدَهْرِي: وَيْكَ! فَامْضِ عَلى رِسْلِ |
فما يبعثُ الغاراتِ إلاَّ مهندى |
وَ لا يركبُ الأخطارَ إلاَّ فتى ً مثلي |