أم حرام بنت ملحان

راكبة البحر

أم حرام بنت ملحان الخزرجية الأنصارية، أخت الرُّمَيْصَاء أم سليم -رضى اللَّه عنهما-.

قالت: بينما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يزورنا إذ وضع رأسه؛ لينام ساعة القيلولة، فاستيقظ فجأة وهو يبتسم، فقالت: لم تضحك يا رسول الله؟ قال: " ناس من أمىي يركبون البحر الأخضر فى سبيل الله، مثلهم مثل الملوك على الأِسّرة " فقالت: يا رسول الله، ادعُ اللَّه أن يجعلنى منهم . قال: "اللهم اجعلها منهم".ثم عاد فضحك فقالت له مثل ذلك، فقال لها مثل ذلك، فقالت: ادع الله أن يجعلني منهم. قال: "أنت من الأولين ولست من الآخرين" [البخاري].

وقالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوْجبوا".

قالت: يا رسول اللَّه أنا فيهم؟

قال: "أنت فيهم". ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم".

فقالت: أنا فيهم يا رسول الله؟

قال: "لا" [البخاري].

وكانت تلك نبوءة تنبأ بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

تزوجها عمرو بن قيس -رضى الله عنه- فأنجبت له قيسًا وعبدالله، وظلت مع عمرو بن قيس حتى كانت غزوة أحد، فاستشهد عمرو وولده قيس، فتزوجها عبادة بن الصامت -رضى الله عنه- فعاشت فى كنفه مطيعة راضية.

وكان لأم حرام شغف بالجهاد فى سبيل اللَّه، وباعٌ طويل فيه؛ فقد خرجت مع زوجها عبادةَ إلى الشام فى جيش كان قائده معاوية ابن أبى سفيان -رضى اللَّه عنه- فلما جاز معاوية بجيشه البحرَ، كانت أم حرام تركب دابة لها، فجالت بها الدابة، فصرعتها وقتلتها، وذلك فى غزوة "قبرص"، وهكذا تحققت نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم لها.

توفيت أم حرام فى خلافة عثمان بن عفان -رضى الله عنه- سنة 28 هجرية، ودفنت فى مكان مَقْتَلِها (بجزيرة قبرص)، وكان الناس كلما مَرّوا بقبرها يقولون: هذا قبر المرأة الصالحة.

وروت السيدة أم حرام -رضى الله عنها- بعضًا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ورد في كتاب "سير أعلام النبلاء" للذهبي:

" أم حرام بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار الأنصارية النجارية المدنية.

أخت أم سليم. وخالة أنس بن مالك. وزوجة عبادة بن الصامت.

حديثها في جميع الدواوين سوى جامع أبي عيسى. كانت من علية النساء.

حدث عنها: أنس بن مالك وغيره.

سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو إلا أنا وأمي وخالتي أم حرام فقال: "قوموا فلأصل بكم". فصلى بنا في غير وقت الصلاة.

يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن يحيى بن حبان عن أنس قال: حدثتني أم حرام بنت ملحان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في بيتها يوماً فاستيقظ وهو يضحك. فقلت: يا رسول الله: ما أضحكك؟ قال: "عرض علي ناس من أمتي يركبون ظهر هذا البحر كالملوك على الأسرة" قلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم. قال: "أنت من الأولين".

فتزوجها عبادة بن الصامت فغزا بها في البحر فحملها معه. فلما رجعوا قربت لها بغلة لتركبها فصرعتها فدقت عنقها فماتت رضي الله عنها.

قلت: يقال هذه غزوة قبرس في خلافة عثمان.

وحديثها له طرق في الصحيحين.

وبلغني أن قبرها تزوره الفرنج".