لعزة ِ هذي اللاهياتِ النواعمِ |
تذلُّ عزيزاتُ النفوس الكرائمِ |
فَمَا كُنْتُ لَوْلاَهُنَّ تَهْتَاجُنِي الصَّبَا |
أصيلاً ، وَ يشجيني هديرُ الحمائمِ |
وَلاَ شَاقَنِي بَرْقٌ تَأَلَّقَ مَوْهِناً |
كَزَنْدٍ تُوَالِي قَدْحَهُ كَفُّ ضَارِمِ |
وَبَيْضَاءَ رَيَّا الرِّدْفِ، مَهْضُومَة ِ الْحَشَا |
يُقِلُّ ضُحَاهَا جُنْحَ أَسْوَدَ فَاحِمِ |
منَ العينِ ، يحمى خدرها كلُّ ضيغمٍ |
بعيدِ مشقَّ الجفنِ ، عبلِ المعاصمِ |
فلولا هواها ما تغنتْ حمامة ٌ |
بِغُصْنٍ، وَلاَ انْهَلَّتْ شُئُونُ الْغَمَائِمِ |
وَلاَ الْتَهَبَ الْبَرْقُ اللَّمُوعُ، وَلاَ غَدَتْ |
تحنُّ مطايا نا حنينَ الروائمِ |
أَمَا، وَهِلاَلٍ فِي دُجُنَّة ِ طُرَّة ٍ |
يَلُوحُ، وَدُرٍّ فِي عَقِيقِ مَبَاسِمِ |
لَقَدْ أَوْدَعَ الْبَيْنُ الْمُشِتُّ بِمُهْجَتِي |
نُدُوباً، كَأُثْرِ الْوَشْمِ مِنْ كَفِّ وَاشِمِ |
وَكَمْ لَيْلَة ٍ سَاوَرْتُهَا نَابِغِيَّة ٍ |
سقتني بما مجتْ شفاهُ الأراقمِ |
كَأَنَّ الثُّرَيَّا كَفُّ عَذْرَاءَ طَفْلَة ٍ |
بهِ رعشة ٌ للبينِ ، بادي الخواتمِ |
إذا اضطربتْ تحتَ الظلامِ تخالها |
دُمُوعَ الْعَذَارَى فِي حِدَادِ الْمَآتِمِ |
وَ برقٍ يمانيًّ أرقتُ لومضهِ |
يطيرُ بهدابٍ كثيرِ الزمازمِ |
كأنَّ اصطخابَ الرعدِ في جنباتهِ |
هديرُ فحولٍ ، أوْ زئيرُ ضراغمِ |
تَخَالَفَتِ الأَهْوَاءُ فِيهَا: فَعَاذِرٌ |
هوايَ الذي أشكو ، وآخرُ لائمي |
وَ نافسني ، في حبها كلُّ كاشحٍ |
يلفُّ على الشحناءِ عوجَ الحيازمِ |
فكمْ صاحبٍ ألقاهُ يحملُ صدرهُ |
فؤادَ عدوًّ في ثيابِ مسالمِ |
أُغَالِطُهُ قَوْلِي، وَأَمْحَضُهُ الْوَفَا |
كأني بما في صدرهِ غيرُ عالمِ |
وَ منْ لمْ يغالطْ في الزمانِ عدوهُ |
وَيُبْدِي لَهُ الْحُسْنَى ، فَلَيْسَ بِحَازِمِ |
فيا ربة َ الخالِ التي هدرتْ دمي |
وَأَلْقَتْ إِلَى أَيْدِي الْفِرَاقِ شَكَائِمِي |
إِليْكِ اسْتَثَرْتُ الْعَيْنَ مَحْلُولَة َ الْعُرَا |
وَفِيكِ رَعَيْتُ النَّجْمَ رَعْيَ السَّوَائِمِ |
فَلاَ تَتْرُكِي نَفْسِي تَذُوبُ، وَمُهْجَتِي |
تسيلُ دماً بينَ الدموعِ السواجمِ |
أقولُ لركبس مدلجينَ ، هفتْ بهمْ |
رياحُ الكرى ، ميلِ الطلى وَ العمائمِ |
تجدُّ بهمْ كومُ المهاري لواغباً |
عَلَى مَا تَرَاهُ، دَامِيَاتِ الْمَنَاسِمِ |
تصيخُ إلى رجعِ الحداءِ ، كأنها |
تحنُّ إلى إلفٍ قديمٍ مصارمِ |
وَ يلحقها منْ روعة ِ السوطِ جنة ٌ |
فَتَمْرُقُ شُعْثاً مِنْ فِجَاجِ الْمَخَارِمِ |
لهنَّ إلى الحادي التفاتة ُ وامقٍ |
فمنْ رازحٍ معى ، وآخرَ رازمِ |
ألاَ أيها الركبُ الذي خامرَ السرى |
بكلَّ فتى ً للبينِ أغبرَ ساهمِ |
قِفَا بِي قَلِيلاً، وَانْظُرَا بِيَ؛ أَشْتَفِي |
بلثمِ الحصى بينَ اللوى فالنعائمِ |
فَكَمْ عَهْدِ صِدْقٍ مَرَّ فِيهِ، وَأَعْصُرٍ |
تَوَلَّتْ عِجَالاً دُونَ تَهْوِيمِ نَائِمِ |
أَبِيتُ لَهَا دامِي الْجُفُونِ مُسَهَّداً |
طريحَ الثرى ، محمرَّ طرفِ الأباهمِ |
وَمَا هَاجَنِي إِلاَّ عُصَيْفِيرُ رَوْضَة ٍ |
على َ ملعبٍ منْ دوحة ِ الضالِ ناعمِ |
يَصِيحُ، فَمَا أَدْرِي: لِفُرْقَة ِ صَاحِبٍ |
كَرِيمِ السَّجَايَا، أَمْ يُغَنِّي لِقَادِمِ؟ |
كَأَنَّ الْعُصَيْفِيرَ اسْتُطِيرَ فُؤَادُهُ |
سروراً بربَّ المكرماتِ الجسائمِ |
أبو المجدِ ، نجلُ الجودِ ، خالُ زمانهِ |
أخو الفخرِ " إسماعيلُ " خدنُ المكارمِ |
قَشِيبُ الصِّبَا، كَهْلُ التَّدَابِيرِ جَامعٌ |
صنوفَ العلا وَ المجدِ في صدرِ جازمِ |
تجمعَ فيهِ الحلمُ ، وَ البأسُ ، وَ الندى |
فَلَيْسَ لَهُ فِي مَجْدِهِ مِنْ مُزَاحِمِ |
ذكاءُ " أرسطاليسَ " في حلم " أحنفٍ " |
وَ همة ُ " عمرو " في سماحة ِ " حاتمِ " |
لهُ تحتَ أستارِ الغيوبِ ، وَ فوقها |
عيونٌ ترى الأشياءَ ، لاَ وهمُ واهمِ |
فنظرتهُ وحيٌ ، وَ ساكنُ صدرهِ |
فؤادُ خبيرٍ ، ناطقٍ بالعظائمِ |
تكادُ لعلياهُ الملائكُ ترتمي |
على كتفيهِ ، كالطيورِ الحوائمِ |
أرَاهُ، فَيَمْحُونِي الْجَلاَلُ، وَأَنْتَحِي |
أُغَالِطُ أَفْكَارِي، وَلَستُ بِحَالِمِ |
وَ توهمني نفسي الكذابَ سفاهة ً |
أَلاَ، إِنَّمَا الأَوْهَامُ طُرْقُ الْمَآثِمِ |
هوَ السيفُ ، في حديهِ لينٌ وَ شدة ٌ |
فتلقاهُ حلوَ البشرِ ، مرَّ المطاعمِ |
تَرَاهُ لَدَى الْخَطْبِ الْمُلِمِّ مُجَمِّعاً |
عُرَا الْحِلْمِ، ثَبْتَ الْجَأْشِ، مَاضِي الْعَزَائِمِ |
لهُ النظرة ُ الشزراءُ ، يعقبها الرضا |
لإسعافِ مظلومٍ ، وَ إرغامِ ظالمِ |
فلولا ندى كفيهِ أوقدَ بأسهُ |
لَدَى الرَّوْعِ أَطْرَافَ الظُّبَا وَاللَّهَاذِمِ |
وَ لولا ذكاهُ أعشبتْ بيمينهِ |
قَنَا الْخَطِّ، وَاخْضَلَّتْ طُرُوسُ الْمَظَالِمِ |
لهُ بيتُ مجدِ ، زفرفتْ دونَ سقفهِ |
حَمَامُ الدَّرَارِي، مُشْمَخِرُّ الدَّعَائِمِ |
فمنْ رامهُ ، فليتخذْ من قصائدي |
سطوراً إلى مرقاهُ مثلَ السلالمِ |
فيابنَ الألى سادوا الورى ، وانتهوا إلى |
تَمَام الْعُلاَ مِنْ قَبْلٍ نَزْعِ التَّمَائِمِ |
أُهَنِّيكَ بِالْمُلْكِ الَّذِي طَالَ جِيدُهُ |
بعزكَ ، حتى حلَّ بيتَ النعائمِ |
لَسَوَّدْتَهُ بِالْفَخْرِ، فَابْيَضَّ وَجْهُهُ |
بِأَسْمَرَ خَطِّيٍّ، وَأَبْيَضَ صَارِمِ |
تَدَارَكْتَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ كَادَ يَنْمَحِي |
لِفَرْطِ تَبَارِيحِ الدُّهُورِ الْغَوَاشِمِ |
بَكَى زَمَناً، وَاغْبَرَّ، حَتَّى أَتَيْتَهُ |
فَعَادَ رَحِيبَ الصَّدْرِ، طَلْقَ الْمَبَاسِمِ |
وَ سستَ الورى بالعدلِ حتى تشوقاً |
إِلَيْكَ التَوَى جِيدُ الدُّهُورِ الْقَدَائِمِ |
وَجِئْتَ مَجِيءَ الْبَدْرِ مَدَّ شُعَاعَهُ |
عَلَى أُفُقٍ بِالْجَوْنِ وَحْفِ الْقَوَادِمِ |
برأيٍ كخيطِ الشمس نوراً ، تخالهُ |
فِرِنْداً تَمَشَّى فِي خُدُودِ الصَّوَارِمِ |
فَلَوْ مِصْرُ تَدْرِي أَرْسَلَتْ لَكَ نِيلَهَا |
لِيَلْقَاكَ فِي جُنْحٍ مِنَ اللَّيْلِ قَاتِمِ |
وَ جاءتْ لكَ الأهرامُ تسعى تشوقاً |
إِلَى دَارِ «قُسْطَنْطِينَ» سَعْيَ النَّسَائِمِ |
فَبُورِكْتَ فِي مُلْكٍ وَرِثْتَ ذَمَاءَهُ |
وَ خلدتهُ في نسلِ مجدٍ أكارمِ |
بهمْ كلُّ غطريفٍ ، يمدُّ إلى العلا |
يداً خلقتْ فينا لبذلِ المكارمِ |
يجولُ مجالَ البرقِ وَ الخيلُ ترتمي |
بأعطافها في المأزقِ المتلاحمِ |
فما روضة ٌ غناءُ باكرها الحيا |
بأوطفَ ساجٍ ، أشعلِ البرقِ ساجمِ |
يضوعُ بها نشرُ العبيرِ ، فتغدي |
تقاسمهُ فينا أكفُّ النواسمِ |
إذا الشمسُ لاحتْ منْ خلالِ ظلالها |
عَلَى الأَرْضِ، لاَحَتْ مِثْلَ دُورِ الدَّرَاهِمِ |
يَقِيلُ بِهَا سِرْبُ الْمَهَا وَهْوَ آمِنٌ |
فمنْ أربدَ ساجٍ ، وَ أحورَ باغمِ |
بألطفَ منْ أخلاقهمْ وَ صفاتهمْ |
إِذَا الْعُودُ ضَمَّتْهُ أَكُفُّ الْعَوَاجِمِ |
وَمَا الشِّعْرُ مِنْ دَأْبِي، وَلاَ أَنَا شَاعِرٌ |
وَ لاَ عادتي نعتُ الصوى وَ المعالمِ |
وَ لكنْ حداني جودهُ ؛ فاستثارني |
لِوَصْفِ مَعَالِيهِ الْعِظَامِ الْجَسَائِمِ |
وَكَيْفَ، وَجَدْوَاهُ ثَنَتْ ضَبْعَ هِمَّتِي |
وَهَزَّتْ إِلَى نَظْمِ الْقَرِيضِ قَوَادِمِي |
فتلكَ لآلٍ ، أمْ ربيعٌ تفتحتْ |
أزاهرهُ كالزهرِ ، أمْ نظمُ ناظمِ ؟ |
وَمَا هُوَ إِلاَّ عِقْدُ مَدْحِ نَظَمْتُهُ |
لجيدِ علاهُ في صدرِ المواسمِ |
فعشْ ما تغنتْ بالأراكِ حمامة ٌ |
وَمَا اتَّجَهَتْ لِلْبَرْقِ نَظْرَة ُ شَائِمِ |
لَكَ السَّعْدُ خِدْنٌ، وَالْمَهَابَة ُ صَاحِبٌ |
وَ شخصُ العلاَ وَ النصرِ في زيَّ خادمِ |