أسلُ الديارَ عنِ الحبيبِ في الحشا |
دَارٌ لَهُ مَأْهُولَة ٌ وَمَقَامُ |
وَمِنَ الْعَنَاءِ سُؤَالُ خاشِعَة ِ الصُّوَى |
بِيَدِ الْفَنَاءِ، جَوَابُهَا إِرْمَامُ |
ذَكَرَتْ بِهَا النَّفْسُ اللَّجُوجُ زَمَانَهَا |
إِنَّ التَّذَكُّرَ لِلنُّفُوسِ غَرَامُ |
إذْ للهوى ثمرٌ يرفُّ ، وللصبا |
كَأْسٌ تُشَفُّ، وَلِلْمُنَى إِلْمَامُ |
تَسْتَنُّ فِيهَا الْعِينُ بَيْنَ مَخَانِسٍ |
فيها السلامُ تعانقٌ وَ لزامُ |
فِي فِتْيَة ٍ فَاضَ النَّعِيمُ عَلَيْهِمُ |
وَ نماهمُ التبجيلُ وَ الإعظامُ |
ذَهَبَتْ بِهِمْ شِيَمُ الْمُلُوكِ، فَلَيْسَ فِي |
تلعابهمْ هذرٌ ، وَ لاَ إبرامُ |
لاَ يَنْطِقُونَ بِغَيْرِ آدَابِ الْهَوَى |
سُمُحُ النُّفُوسِ، عَلَى الْبَلاَءِ كِرَامُ |
منْ كلَّ أبلجُ ، يستضاءُ بنورهِ |
كالبدرِ ، جلى صفحتيهِ غمامُ |
سهلُ الخليفة ِ ، لاَ يسوءُ جليسهُ |
يَبْقَى ، وَعَاقِبَة ُ النُّفُوسِ حِمَامُ |
متواضعٌ للقومِ ، تحسبُ أنهُ |
مولى لهمْ في الدارِ ، وهوَ همامُ |
تتقاصرُ الأفهامُ دونَ فعالهِ |
وَتَسِيرُ تَحْتَ لِوَائِهِ الأَقْوَامُ |
فإذا تكلمَ فالرؤسُ خواضعٌ |
وَإِذَا تَنَاهَضَ فَالصُّفُوفُ قِيَامُ |
حتى انتبهنا بعدَ ما ذهبَ الصبا |
إِنَّ الْخَلاَعَة َ وَالصِّبَا أَحْلاَمُ |
لاَ تَحْسَبَنَّ الْعَيْشَ دَامَ لِمُتْرَفٍ |
هَيْهَاتَ، لَيْسَ عَلَى الزَّمَانِ دَوَامُ |
تأتي الشهورُ ، وتنتهى أيامها |
لَمْعَ السَّرَابِ، وَتَنْقَضِي الأَعْوَامُ |
وَالنَّاسُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَارِدٌ |
أوْ صَادِرٌ، تَجْرِي بِهِ الأَيَّامُ |
فَادْرَأْ هُمُومَ النَّفْسِ عَنْكَ إِذَا اعْتَرَتْ |
بالكأسِ ؛ فهيَ على الهمومِ حسامُ |
فالعيشُ ليسَ يدومُ في ألوانهِ |
إِلاَّ إِذَا دَارَتْ عَلَيْهِ الْجَامُ |
مِنْ خَمْرَة ٍ تَذَرُ الْكَبِيرَ إِذَا انْتَشَى |
بعدَ اشتعالِ الشيبِ وَ هوَ غلامُ |
لعبَ الزمانُ بها ، فغادرَ جسمها |
شبحاً تحارُ لدركهِ الأفهامُ |
حَمْرَاءُ، دَارَ بِهَا الْحَبَابُ فَصَوَّرَتْ |
فلكاً تحفُّ سماءهُ الأجرامُ |
لاَ تَسْتَقِيمُ الْعَيْنُ فِي لَمَعَانِهَا |
وَ تزلُّ عندَ لقائها الأقدامُ |
تَعْشُو الرِّكَابُ، فَإِنْ تَبَلَّجَ كَأْسُهَا |
ساروا ، وإنْ زالَ الضياءُ أقاموا |
حُبِسَتْ بِأَكْلَفَ، لَمْ يَقُمْ بِفِنَائِهِ |
نورٌ ، وَ لمْ يبرح~~ْ عليهِ ظلامُ |
حَتَّى إِذَا رَقَدَتْ، وَقَرَّ قَرَارُهَا |
سلستْ ؛ فليسَ لذوقها إيلامُ |
تَسِمُ الْعُيُونَ بِنَارِهَا، لَكِنَّهَا |
بردٌ على شرابها وَ سلامُ |
فاصقلْ بها صدأ الهمومِ ، وَ لا تكنْ |
غرًّأ تطيرُ بلبهِ الأوهامُ |
وَ اعلمْ بأنَّ المرءَ ليسَ بخالدٍ |
وَ الدهرُ فيهِ صحة ٌ وَ سقامُ |
يهوى الفتى طولَ الحياة ِ ، وَ إنها |
دَاءٌ لَهُ دُونَ الشَّغَافِ عُقَامُ |
فَاطْمَحْ بِطَرْفِكَ، هَلْ تَرَى مِنْ أُمَّة ٍ |
خَلَدَتْ؟ وَهَلْ لابْنِ السَّبِيلِ مُقَامُ؟ |
هذي المدائنُ قدْ خلتْ منْ أهلها |
بَعْدَ النَّعِيمِ، وَهَذِهِ الأَهْرَامُ |
لا شيءَ يبقى ، غيرَ أنَّ خديعة ً |
فِي الدَّهْرِ تَنْكُلُ دُونَهَا الأَحْلاَمُ |
و لقدْ تبينتُ الأمورَ بغيرها |
وَ أتى على َّ النقضُ وَ الإبرامُ |
فإذا السكونُ تحركٌ ، وَ إذا الخموُ |
دُ تلهبٌ ، وإذا السكوتُ كلامُ |
وَ إذا الحياة ُ - وَ لاَ حياة َ - منية ٌ |
تَحْيَا بِهَا الأَجْسَادُ وَهْيَ رِمَامُ |
هذا يحلُّ وَ ذاكَ يرحلُ كارهاً |
عنهُ : فصلحٌ تارة ً ، وخصامُ |
فالنورُ - لوْ بينتَ أمرك - ظلمة ٌ |
وَالْبَدءُ ـ لَوْ فَكَّرْتَ فِيهِ ـ خِتَامُ |