حيَّ مغنى الهوى بوادي الشآمِ |
وَادْعُ بِاسْمِي تُجِبْكَ وُرْقُ الْحَمَامِ |
هنَّ يعرفنني بطولِ حنيني |
بينَ تلكَ السهولِ وَ الآكامِ |
فَلَقَدْ طالَمَا هَتَفْنَ بِشدْوِي |
وَتَنَاقَلْنَ مَا حَلاَ مِنْ هُيَامِي |
وَ لكمْ سرتُ كالنسيمِ عليلاً |
أتقرى ملاعبَ الآرامِ |
فِي شِعَارٍ مِنَ الضَّنَى ، نَسَجَتْهُ |
بخيوطِ الدموعِ أيدي الغرامِ |
كُلَّمَا شِمْتُ بارِقاً خِلْتُ ثَغْراً |
باسماً منْ خلال تلكَ الخيامِ |
وَالْهَوى يَجْعَلُ الْخِلاَجَ يَقِيناً |
وَيَغُرُّ الْحَلِيمَ بِالأَوْهَامِ |
خَطَرَاتٌ لهَا بِمِرْآة ِ قَلْبِي |
صورٌ لا تزولُ كالأحلامِ |
مَا تَجَلَّتْ عَلَى الْمَخِيلَة ِ إِلاَّ |
أذكرتني ما كانَ منْ أيامي |
ذَاكَ عَصْرٌ خَلاَ، وَأَبْقَى حَدِيثاً |
نَتَعَاطَاهُ بيْنَنَا كَالْمُدَامِ |
كُلَّمَا زَحزَحَتْ بَنَانَة ُ فِكْرِي |
عنهُ سترَ الخيالِ لاخ أمامي |
يَا نَسِيمَ الصَّبَا ـ فَدَيْتُكَ ـ بَلِّغْ |
أهلَ ذاكَ الحمى عبيرَ سلامي |
وَ اقضِ عني حقَّ الزيارة ِ ، وَ اذكرْ |
فرطَ وجدي بهمْ ، وَ طولَ سقامي |
أنا راضٍ منهمْ بذكرة ِ ودًّ |
أوْ كتابٍ إنْ لمْ أفزْ بلمامِ |
همْ أباحوا الهوى حريمَ فؤادي |
وَ أذلوا للعاذلينَ خطامي |
أَتَمَنَّاهُمُ، وَدُونَ التَّلاَقِي |
قذفاتٌ منْ لجًّ أخضرَ طامي |
صَائِلُ الْمَوْجِ كَالْفُحُولِ تَرَاغَى |
منْ هياجٍ ، وَ ترتمي باللغامِ |
وَ ترى السفنَ كالجبالِ ، تهادى |
خَافِقَاتِ الْبُنُودِ وَالأَعْلاَمِ |
تَعْتَلِي تَارَة ً، وَتَهْبِطُ أُخْرَى |
في فضاءٍ بينَ السها وَ الرغامِ |
هِيَ كَالدُّهْمِ جَامِحَاتٌ، وَلكِنْ |
لَيْسَ يُثْنَى جِمَاحُهَا بِلِجَامِ |
كُلُّ أُرْجُوحَة ٍ تَرَى الْقَوْمَ فِيهَا |
خشعاً بينَ ركعٍ وقيامِ |
لا يُفِيقُونَ مِنْ دُوَارٍ: فَهَاوٍ |
لِيَدَيْهِ، وَرَاعِفُ الأَنْفِ دَامِي |
يستغيثونَ ، فالقلوبُ هوافِ |
حَذَرَ الْمَوْتِ، وَالْعُيُونُ سَوَامِي |
فِي وِعَاءٍ يَحْدُونَهُ بِدُعَاءٍ |
لِجَلاَلِ الْمُهَيْمِنِ الْعَلاَّمِ |
ذاكَ بحرٌ يليهِ برٌّ ترامى |
فيهِ خوصُ المطيَّ مثلَ النعامِ |
فسوادي بمصرَ ثاوٍ ، وقلبي |
فِي إِسَارِ الْهَوَى بِأَرْضِ الشَّآمِ |
أخدعُ النفسَ بالمنى ، وَ هي تأبى |
وَخِدَاعُ الْمُنَى غِذَاءُ الأَنَامِ |
فَمَتَى يَسْمَحُ الزَّمَانُ، فَأَلْقَى |
بـِ " شكيبٍ " ما فاتني منْ مرامِ |
هُوَ خِلٌّ، لَبِسْتُ مِنْهُ خِلاَلاً |
عبقاتٍ ، كالنورِ في الأكمامِ |
صَادِقُ الْوُدِّ، لاَ يَخِيسُ بِعَهْدٍ |
و قليلٌ في الناسِ رعى ُ الذمامِ |
جمعتنا الآدابُ قبلَ التلاقي |
بِنَسِيمِ الأَرْوَاحِ، لا الأَجْسَامِ |
وَبَلَغْنَا بِالْوُدِّ مَا لَمْ يَنلْهُ |
بِحَيَاة ِ الْقُرْبَى ذَوُو الأَرْحَامِ |
فَلَئِنْ لَمْ نَكُنْ بِأَرْضٍ، فَإِنَّا |
لاِتِّصَالِ الْهَوَى بِدَارِ مُقَامِ |
وَ ائتلافُ النفوسِ أصدقُ عهداً |
مِنْ لِقَاءٍ لَمْ يَقْتَرِنْ بِدَوَامِ |
ألمعيٌّ لهُ بديهة ُ رأيٍ |
تدركُ الغيبَ منْ وراءِ لثامِ |
وَ قريضٌ كما وشتْ نسماتٌ |
بِضَمِيرِ الأَزْهَارِ إِثْرَ الْغَمَامِ |
هَزَّني شِعْرُهُ؛ فَأَيْقَظَ مِنِّي |
فِكرَة ً كَانَ حَظُّهَا فِي الْمَنَامِ |
سُمْتُها الْقَوْلَ بعْدَ لأَيٍ، فَبَضَّتْ |
بيسيرٍ لمْ يروِ عودَ ثمامِ |
فارضَ مني بما تيسرَ منها |
ربَّ ثمدِ فيهِ غنى عنْ جمامِ |
وَلَوَ انِّي أَرَدْتُ شَرْحَ وِدَادِي |
وَاشتِيَاقِي ـ لَضَاقَ وُسْعُ الكَلاَمِ |
أنا هواكَ فطرة ً ، ليسَ فيها |
مِنْ مَسَاغٍ لِلنَّقْضِ وَالإِبْرَامِ |
وَ إذا الحبُّ لمْ يكنْ ذا دواعٍ |
كانَ أرسى قواعداً منْ شمامِ |
فَتَقَبَّلْ شُكْرِي عَلَى حُسْنِ وُدٍّ |
رُحْتُ مِنْهُ مُقَلَّداً بِوِسَامِ |
أتباهى بهِ إذا كانَ غيري |
يتباهى َ بزينة ِ الإنعامِ |
دُمْتَ فِي نِعْمَة ٍ تَرِفُّ حُلاَهَا |
فوقَ فرعٍ منْ طيبِ أصلكَ نامى |