عند هذي الأكواخ شاعرتي أل
|
قي المراسي تحت الفضاء الصاحي
|
أنظري أيّ عالم فاتن المج
|
لى بعيد عن ضجّة الأتراح
|
أنظري عّلنا بلغنا أخيرا
|
ذلك الشاطىء الذي نتمّنى
|
بعد ليل من المسير طويل
|
ضاع فيه عمري كلالا وحزنا
|
أنظري أنظري هنا العشب الأخ
|
ضر نشوان في سفوح الجبال
|
عند نبع من قنّة الجبل الأب
|
يض يجري تحت السّنا والظلال
|
الصباح الجميل قد توّج الود
|
يان بالضوء والجمال البهيج
|
ما أحبّ الحياة في هذه الجنّ
|
ة تحت الضياء بين المروج
|
ما أحبّ الصفاء يحتضن الأشج
|
جار والواد النضير الخصيبا
|
ما أرقّ الأزهار في مهدها الور
|
ديّ ما أعطر الربى والسهوبا
|
كلّ شيء في هذه الجّنة الحل
|
وة يوحي بأننا قد وصلنا
|
ها هنا شاطىء السعادة هذا
|
حلم قلبي فما ألذّ وأهنا
|
فلنطف بالعرائش الخضر فلنغ
|
نم صفاء الحياة بعد أساها
|
فلتجفّ الدموع فليمض أمس
|
مرّ بالقلب باكيا أوّاها
|
ولنعش للصفاء يفتن دنيا
|
نا غناء الرعاة عند الجبال
|
ونشيد تديره شفتا طف
|
ل يغّني على تلول الرمال
|
وقطيع الأغنام في المرج تحت الظ
|
لّ والفجر والندى والنسيم
|
وليالي الحصاد والقمر السحر
|
يّ والطيف والصدى والغيوم
|
فلنقضّ الحياة في هذه الجن
|
ة ناسين حادثات الحياة
|
ها هنا فتنة الطبيعة تنجي ال
|
كائن الحيّ من خيال الممات
|
ها هنا أستطيع أن أفهم السرّ
|
ففيم الأسى وفيم البكاء؟
|
خل خلت هذه المجالي من الأغ
|
نام يوما؟ وهل تعرّى الفضاء؟
|
ها هنا يستطيع أن يفهم القل
|
ب جمال الدنيا وسرّ الخلود
|
كل حيّ باق فإن مات غرّي
|
د فكم في الأعشاش من غرّيد
|
ها هنا كلّ زهرة تبعث العط
|
ر فإن تفن فالشذى غير فان
|
كم زهور ستنشر العطر والأل
|
وان من بعد في فضاء المغاني
|
ها هنا إن يسر أبولو بضوء الش
|
مس نحو المغيب كلّ مساء
|
فالنجوم المتلألئات جمال
|
شاعريّ الألوان والأضواء
|
ها هنا تنطق العرائش بالشع
|
ر وتحنو على مجاري الجداول
|
ها هنا تستحمّ آلهة الأن
|
هار في الماء تحت ظلّ الخمائل
|
كلّ شيء حلو فاين ترى السك
|
ان؟ أين الفلاّح والقطعان؟
|
فيم لا يملأون عالمهم له
|
وا؟ وأين الآمال والألحان؟
|
سرت فيه وحدي وحدي أسائله عن
|
ساكنيه وأيّ واد حواهم؟
|
أيّ لحن يرّنمون إذا الشم
|
س أطّلت؟ وما ترى نجواهم؟
|
كيف يحيون في صفاء من العي
|
ش بعيد عن قسوة الضرّاء
|
أأظّلتهم السعادة بالأح
|
لام أم هم كسائر الأشقياء
|
اتراهم يرنّمون الأغاري
|
د ويلهون في ليالي الحصاد
|
تحت ضوء النجوم والقمر البا
|
سم بين العطور والأوراد
|
أتراهم أولئك البشر اللا
|
هون بين الجمال والأحلام؟
|
أتراهم كما تخّيل قلبي؟
|
أم تراني أمعنت في اوهامي
|
يا رعاة الأغنام في السفح عند الن
|
بع بين العرائش السّندسية
|
حدّثوني عن أغنياتكم الجذ
|
لى وعن بسمة القرى الشاعرّيه
|
حدّثوني عن الربيع إذا مرّ
|
على هذه القرى والشطوط
|
حدّثوني عن الحصاد ومجنى ال
|
زهر والبرتقال والبلّوط
|
حدّثوني ما لي أراكم حزانى ؟
|
كلّ راع في وحشة واكتآب
|
كلّ راع جهم الملامح لا يش
|
دو ولا يزدهيه سحر الغاب
|
أنت يا أيّها الحزين أجبني
|
أيّ حزن في مقلتيك أراه؟
|
أي قيد من المرارة واليأ
|
س أظلّتك يا كئيب يداه؟
|
كيف يشقى من في حمى هذه الجن
|
ة يحيا وتحت هذي السماء
|
كيف يشقى الراعي وبين يديه
|
جنة من مفاتن وضياء
|
أسفا قد خدعت لم تصدق الأح
|
لام فيما رسمن من أفراح
|
لم أجد عند ذلك الشاحب
|
الصامت إلا مرارة الأقداح
|
فهو عند الينبوع ينظر في الظلّ
|
إلى الأفق شاحبا مصدوما
|
ممعنا في الجمود والصمت كالمو
|
تى يناجي الفضاء يرعى الغيوما
|
لم تزل قربه على العشب النا
|
دي عظام لكائن مقتول
|
هو ذاك الراعي الصغير الذي را
|
ح طعاما للذئب بين الحقول
|
إيه راعي الأغنام يا أيّها المق
|
تول فوق العشب النديّ النضير
|
كيف مات الراعي ولم تمت الأغ
|
نام يا للمقدّر المسطور
|
يا لحكم الأقدار يا راعي الأغ
|
نام يا ظلم ما تريد الصروف
|
كيف تفنى الأشواك حارسة الزه
|
ر ويبقى الورد الرقيق الضعيف؟
|
إنها قصّة الطبيعة يا را
|
عي قتال وأدمع وشكاة
|
إن تكن قد قتلت فالثأر باق
|
وغدا تقتل الذئاب الرعاة
|
نازعتنا البقاء في هذه الأر
|
ض وحوش الأحراش والأطيار
|
فلنا النصر مرّة ولهم أخ
|
رى كما تبتغي لنا الأقدار
|
فعزاء يا أيّها الجسد المص
|
روع في غمرة الكرى الأبديّ
|
قد بكاك الراعي الصديق وما زا
|
ل غريقا في حزنه الأخويّ
|
لم يزل جامدا على حافة النب
|
ع وفي مقلتيه دمع الشجون
|
يرقب الماء شاكيا قسوة الأق
|
دار مستنكرا ضلال المنون
|
صامتا ساهما بعيدا عن الأغ
|
نام حيران في ضباب الوجود
|
رازحا تحت وطأة الألم الطا
|
غي مشيحا عن الشذى والورود
|
كلما جفّ دمعه ذكر المق
|
تول والذئب فاستردّ أساه
|
يا لأحزانه الملحّات يا لل
|
هول ماذا ترى يعيد صفاه؟
|
السّنا والجمال؟ يا حيرة الرا
|
عي ويا ضيعة السنا والجمال
|
بعد حين ستعصف الريح بالصف
|
صاف والورد في سفوح الجبال
|
بعد حين يأتي المساء كئيبا
|
ويلفّ الجبال بالأحزان
|
ويسود السكون غير هتاف
|
ردّدته ضفادع الغدران
|
غير صوت النشيج في قرية الرا
|
عي تعالى تحت الدجى المنشور
|
غير صوت القدوم يعمله الحفّ
|
ار في الأرض بين صمت القبور
|
ثم يمضي الليل العميق إلى غي
|
ر رجوع وتبسم الأضواء
|
ويعود القمريّ يصدح جذلا
|
ن كأن ليس في الحياة شقاء
|
غير دار ماذا يعذّب أهل ال
|
قرية البائسين من آلام
|
غير دار ما خلف أكواخهم من
|
رعشات ولوعة وسقام
|
ليس يدري القمريّ لا ليس يدري
|
ما وراء الأكواخ من حرمان
|
ليس يدري أنّ الطبيعة تقسو
|
ليس يدري مرارة الأحزان
|
ليس يدري ماذا وراء بيوت الط
|
ين هذي من وحشة وظلام
|
ليس يدري ماذا يهزّ الخيام ال
|
سود من لهفة ومن آلام
|
ليس يدري القمريّ ما يحزن الف
|
لاح في كوخه وليس يراه
|
ليس يدري أنّ الأماسيّ قد تم
|
ضي عليه وما يغيب أساه
|
ليس يدري ما يفعل الجوع والحز
|
ن بأهل الأكواخ كلّ شتاء
|
حينما تغمر الثلوج ثرى المر
|
ج وتطغى عواصف الأجواء
|
حينما في حضائر القرية الحي
|
رى يموت القطيع موت غبين
|
حينما تذبل العواصف زهر ال
|
لوز والبرتقال والياسمين
|
حينما تدفن الثلوج حقول ال
|
قمح يا رحمتاه بالفلاّح
|
حينما يصرخ الجياع الحيارى
|
في ظلام الأكواخ كلّ صباح
|
أيها الصادح المغرّد فوق ال
|
دّوح طر عن هذا الوجود الأليم
|
دع أساه يا طير لي وحدي
|
واحي أنت الجذلان بين الغيوم
|
دعه لي دع آمال قلبي تذبل
|
بعد بحثي الطويل في الكون عنها
|
دع فؤادي يعد إلى ظلمة الأح
|
زان واخلص يا بلبلي أنت منها
|
خّيبت هذه القرى حلو أحلا
|
مي فلا رسم للسعادة فيها
|
ليس يدري الراعي المعذّب مأوا
|
ها ولا كان مرّة من بنيها
|
خدعتني الأوهام ليس لدى الرا
|
عي رخاء الحياة ليس لديه
|
فهو ذاك المكدود تصهره الشم
|
س ويقسو الحصى على قدميه
|
يتمّنى أن لو تبدّل بيت الط
|
ين قصرا على حفاف المدينه
|
ويريد الحياة لهوا فلا أغ
|
نام تثغو ولا نفوس حزينه
|
يا لوهم المسكين, كم من شقيّ
|
في ظلال القصور كم مصدوم
|
ليس للمال أن يذيق فؤادا
|
بشرّيا معنى الرضى والنعيم
|
يا سفينتي ما عاد في القرية الحل
|
وة مرسى لنا ففيم البقاء
|
ليس تحت الصفصاف إلا بيوت الطّ
|
ين والسقم والطوى والبكاء
|
أقلعي أقلعي بنا قد سئمنا
|
صرخات الجياع في كلّ شعب
|
قد رأينا الدموع في كلّ عين
|
وشهدنا الشقاء في كلّ قلب
|
ما الذي يا سفين يغري بأن نب
|
قى إذن؟ ما الذي ترى يبقينا؟
|
هل وجدنا طيف السعادة هل في
|
هذه الأرض فرحة تغرينا؟
|