أَطَلَّت من الشُبّاك وَاللَيلُ نَيِّرُ
|
فَأَبصَرت الأَوراقَ تُطوى وَتُنشَرُ
|
يَغيبُ ضِياءُ البَدر عَنها فَتَختَفي
|
وَيَظهَرُ مِن بَينِ السَحابِ فَتَظهَرُ
|
فَقالَت أَفي البُستانِ ريحٌ لَطيفَةٌ
|
تبرِّدُ في نَفسي لظىً يَتسعَّرُ
|
أَفيهِ خَيالاتٌ أَحَنُّ من الوَرى
|
تُبَدِّدُ عَنّي بَعضَ ما أَتَذَكَّرا
|
وَخَفَّت اِلَيهِ وَاِرتِعاشَةُ جِسمِها
|
يُلَوِّنُها البَدرُ الحييُّ المصوِّرُ
|
فَصادَفَ جَفناها الكَسيرانِ جَدوَلاً
|
تَخَلَّلَ مَجراهُ سُرادِقُ أَخضَرُ
|
وَقد طَفَت الأَزهارُ فَوقَ مِياهِهِ
|
كَحُلمٍ نَقِيِّ اللَونِ يَأتي وَيَعبُرُ
|
وَفي حينِ كانَت ترسل الفكرَ في الد
|
جى وَفي نَفسِها ماضٍ يَمُدُّ وَيجزرُ
|
تَراءَت لِعَينَيها طُيوفٌ مُخيفَةٌ
|
تَمَجُّ كَأَفواهِ الاِفاعي وَتصفرُ
|
وَعادَت لِمَأواها لَدُن عادَ رُشدُها
|
اليها وَفي الأَجفان يَاسٌ وادمُعُ
|
وَأَلقَت بِأَيدي النَومَ مَخمورَ رَأسِها
|
فَجاوَرَ عَينَيها كَرىً مُتَقَطِّعُ
|
تَمُرُّ بِهِ الأَحلامُ خاوِيَةَ الحَشا
|
جِياعٌ تُزَجّيها طَوائِفُ جُوَّعُ
|
جِياعٌ يُؤَدّيها الخَواءُ اِلى الكَرى
|
فَتَأكلُ أَفلاذَ العُيونِ وَتَشبَعُ
|
رُموزُ هَوىً يَستَرفِدُ القَلبَ بُلغَةً
|
إِذا جاعَ أَو يُهوي عَلَيه فَيَبضَعُ
|
وَلَمّا طَوى اللَيلُ النَجِيُّ وشاحَهُ
|
وَجاءَ سَفيرٌ لِلصَّباحِ يُشَيِّعُ
|
أَفاقَت وَقد لاثى لَهيبَ شُجونِها
|
سَماعُ طُيورٍ في الحَديقَةِ تَسجَعُ
|
كَمجمَرةٍ أَفنَت مَدى اللَيلِ نارَها
|
فَما حَشوُها إِلّا رَمادٌ مُجَمَّعُ
|
وَرَنَّ صَدى الأَجراسُ في كَبَدِ الضُحى
|
يُهيبُ بِأَرواحِ التُقاةِ فَتُسرِعُ
|
فَقالَت لَعَلَّ اللَهَ يَقبَلُ توبَتي
|
فَما لِيَ في الدُنيا سِوى اللَهِ مَرجِعُ
|