أَيُّها الظُلمُ وَالخَنا وَالغُرورُ
|
يا خَداعاً تَعفُّ عَنهُ الشُرورُ
|
يا كُنوداً وَيا محاباةَ قَومي
|
يا صُدوراً يَدُبُّ فيها النُفورُ
|
يا خِصاماً يا مُنكراتَ بِلادي
|
يا رِياءً يا حِطَّةً يا فُجورُ
|
إِقرِبي ما اِستَطَعتِ من كُبِر نَفسي
|
أَنا صدري رحبٌ وَقَلبي كَبيرُ
|
ليَ نَفسٌ كَالبَحرِ ذات اِتِّساعٍ
|
فَلُبابٌ يُلقى بِها وَقشورُ
|
تَبصقُ الرجس عَن عفاف وَطُهر
|
وَاللآلي تَبقى بِها فَتَغورُ
|
لا يغرَّنكَ أَنَّني مُستَكنٌ
|
فَإِلى ثَورَةٍ سُكوتي يُشيرُ
|
وَاِستَريبي إِذا سَمِعتِ زَفيري
|
إِنَّ في صَدريَ الزَفيرَ زَئيرُ
|
إِقرَبي إِقرَبي فَآلامُ نَفسي
|
جمرَةٌ يستَطيرُ مِنها السَعيرُ
|
جَمرَةٌ في بُركانِها تَتَلَظّى
|
شاخِصاتٌ إِلى لَظاها الدهورُ
|
يا بِلادي كَفاكِ هزءاً بِنَفسي
|
إِنَّ نَفسي حسامُكِ المَطرورُ
|
لا تَقولي قَد أَحرَقَتها البَلايا
|
كلُّ نَفسٍ لَم تَحتَرِق لا تُنيرُ
|
أُترُكيني أُنشد أَغانِيَ حُبّي
|
أَنا بِالحُبِّ وَالأَغاني فَخورُ
|
إِنَّ شعري أَبقى من التاجِ عمراً
|
ذلِكَ التاج لِلزَوالِ يَصيرُ
|
كَم أَميرٍ وَكَم مَليكٍ تَوارى
|
وَطَوَته دُجنَّةٌ وَقبورُ
|
وَالمَعَرّي الضَرير ما زالَ حَيّاً
|
وَفَقيراً كانَ المَعرّي الضَريرُ
|
يا نفوساً تَطَوَّرَ البَأسُ فيها
|
أَينَ يَأوى حُسامُكِ المَشهورُ
|
لَيسَ يُجدي حِلمٌ وَلا اللينُ يُجدي
|
لِنُفوسٍ شعارُها التَدميرُ
|
خُلقَ المجدُ لِلقَديرِ فَجدّوا
|
لا ينالُ الرقيَّ إِلّا القَديرُ
|
وَرِدوا العِلمَ إِنَّ العِلمِ نوراً
|
وَاِنفُضوا الجَهلَ لَيسَ في الجَهلِ نورُ
|
هذهِ التُربَةُ الَّتي أَنشَأَتكُم
|
عاثَ فيها مسوَّدٌ مَأجورُ
|
فَاِنفُضوها فَفي ثُراها نُضارٌ
|
وَغِناكُم نُضارُها المَذخورُ
|
ما نُجيبُ الأَبناءَ إِن سَأَلونا
|
أَيَّ أَرضٍ أَنَرتُمُ يا بُدورُ
|
أَيَّ عارٍ خَلَّفتُمُ لِفِراخٍ
|
رغب الذلُّ فيهِم يا نسورُ
|
أَنُطيقُ الحيا وَنَحن شُيوخٌ
|
شَرفٌ في صُدورِنا وَشعورُ
|
عُجَّزٌ لا نَصيرَ يَدفَعُ عَنّا
|
ما نُقاسي ما لِلذُنوبِ نَصيرُ
|
اَيُّها الفَجر يا سِراجَ البَرايا
|
عَجَباً مِنكَ كلَّ يَومٍ تَزورُ
|
كَيفَ لم تَسأمِ الوجودَ المحابي
|
أَتُرى أَنتَ مِثلَهُ شَرّيرُ
|
أَيَّ يَومٍ زُيوتُ نورِك تَخبو
|
وَعَلى سُنَّةِ الضِياءِ تَثورُ
|
وَتَزجُّ الوجودَ في ظُلُماتٍ
|
مُستَبَدٌّ في بُردِها الديجورُ
|
إِنَّ هذا الوُجودَ أَمسى مُسِنّاً
|
وَشَقِيّاً أَمسى الوُجودُ الخَطيرُ
|
رثَّ فيهِ خُلق الرجال وَرَثَّت
|
نَزَواتُ العُلى وَرَثَّ الضَميرُ
|
لَيسَ فيهِ إِلّا خداعٌ وَزورٌ
|
وَبليّاتِهِ خداعٌ وَزورُ
|
خَلفَ التيسُ في ليثاً هَصوراً
|
وَيحَ تيسٍ يُنامُ عَنهُ الهصورُ
|
عَبثاً نرتَجي الصِيانَةَ ما لَم
|
تَتَمَزَّق عَن الرِياءِ الستورُ
|
قَد أَقَمنا عَلى الجَهالَة عَهداً
|
وَعلى الجَهلِ لا يُقيمُ البَصيرُ
|
أَوَلَسنا وَرّاثَ أَقدَم مجدٍ
|
في يَدينا صَليلُهُ وَالصَريرُ
|
أَوَلَسنا وَرّاثَ شَعبٍ أُنيرَت
|
بِتَعاليمُه الهداةِ العصورُ
|
عَبدوا الفَنَّ نَيِّراً وَعَبَدنا
|
تَرَّهاتٍ شِعارُها التَبذيرُ
|
ما تَبَقّى لَنا مِن الفَنِّ إِلّا
|
ذِكرَياتٌ هِيَ النِزاعُ الأَخيرُ
|
أُمَّةً كانَتِ البِلادُ فَأَمسَت
|
أُمَّةً ما دَرَت بِمَن تَستَجيرُ
|
يُستَبَدُّ الغَنِيُّ فيها وَيَعمى
|
عَنهُ كلُّ الوَرى وَيَشقى الفَقيرُ
|
في ذُراها وَفي السَواحِل يَجري
|
مِن عروقِ الجُدودِ ماءٌ نَميرُ
|
فَاِسجُدوا لِلأَثيرِ فيها وَصَلّوا
|
فَلُهاثُ الأَجدادِ هذا الأَثيرُ
|