إِجرَحِ القَلبَ واسقِ شِعرَك مِنهُ
|
فَدَمُ القَلبِ خَمرَةُ الأَقلامِ
|
مَصدَرُ الصَدقِ في الشُعور هوَ القَلبُ
|
وفي القَلبِ مَهبَطُ الإِلهامِ
|
وَإِذا أَنتَ لَم تُعَذَّب وَتَغمِس
|
قَلَماً في قُرارَةِ الآلامِ
|
فَقَوافيكَ زُخرفٌ وَبَريقٌ
|
كَعِظامٍ في مَدفَنٍ من رُخامٍ
|
وَإِذا القَلبُ لم يُرَقَّق بِحُبٍّ
|
حَجَّرتَه ضَغائِنُ الأَيّامِ
|
وَالهِوى دون اكبُدٍ لَيسَ يَحيا
|
فَغِذاءُ الهوى من الأَجسامِ
|
ضَحِّ بِالقَلبِ إِن هَويتَ فَلَيسَ
|
القَلبُ إِلّا وَليمَةً لِلغَرامِ
|
يا لَها في الهَوى وَليمَةَ قَلبٍ
|
سَوفَ يَبقى لَها صَدىً في الاِنامِ
|
واشقَ ما شِئتَ فَالشَقا مُحرَقاتٌ
|
صَعِدَت مِن مَذابِح الأَرحامِ
|
رُبَّ جُرحٍ قَد صارَ يُنبوع شِعرٍ
|
تَلتَقي عِندَهُ النُفوسُ الظَوامي
|
وَزَفيرٍ أَمسى إِذا قَدَّسته الروحُ
|
ضَرباً من أَقدَسِ الأَنغامِ
|
وَعَذابٍ قد فاحَ منهُ بَخورٌ
|
خالِدٌ في مَجابِرِ الأَحلامِ
|
قَطَفَ الهَمُّ وَالأَسى زَهَراتٍ
|
نَبَتَت في ضِفافِ نَبعِ الدُموعِ
|
وَجنى البُؤسُ بَعضُ أَشواكِ وَردٍ
|
عَطفَتها الصَبا على اليَنبوعٍ
|
وَإِذا بِالغَرامِ يَضفِرُ مِنها
|
لِشَفيقٍ إِكليلَ قَلبٍ وَجيعِ
|
وَتَراءَت مَلائِكٌ لِشَفيقٍ
|
في ثَنايا غَمامَةٍ بَيضاء
|
وَابَتها من السَماءِ عَذارى
|
طاهِراتٌ كَأَدمُعِ الشُعراءِ
|
حامِلاتٌ على الصُدورِ حُلِيّاً
|
كَمَصابيحَ أُشعِلَت في السَماءِ
|
او عناقيدَ أَنضَجَتها شُموس الحُبِّ
|
في عالَمِ الخَيالِ الرَفيع
|
حَيثُ لا يَضمَحَلُّ فَصلُ الرَبيعِ
|
وَتَراءَت له سَلالِمُ حَمراءُ
|
تَدَلَّت أَذيالُها في الأَثيرِ
|
فُرِشَت كُلُّ سُلَّمِ بورودٍ
|
وَرَبَطَتها شَفائِفٌ من حَريرِ
|
وَعَلى كُلِّ وَردَةٍ قَطَراتٌ
|
شَعَّ منها لم أَدرِ أَيَّ شُعورِ
|
فَكأنَّ الوُرودَ جاماتُ حُبٍّ
|
أَو قَواريرُ رُصِّعت بِدموعِ
|
وَطلتها السَما بِلَون النَجيعِ
|
وَتَراءَت له جُموعُ العَذارى
|
فَوقَ تِلكَ السَلالِم العلويَّه
|
عازِفاتٍ له مَزاميرَ جاودَ
|
بِكِنّارةِ الهوى القُدسِيَّه
|
كلَّ لَيلٍ يا رَبِّ أَغمُرُ بِالدَمعِ
|
سَريري مِن أَجلِ تِلكَ الخطيَّه
|
وَيُميعُ الفِراشَ ماءُ عيوني
|
كُنَّ يَعزِفنَ وَالصَدى في الرَقيعِ
|
كان يَرقى إِلى العَلا بِخُشوعِ
|
في قُلوبِ الوَرى فَسادٌ وَلا صِدقَ
|
بِأَفواهِهِم فَفيها شُرورُ
|
وَحُلوقُ الوَرى قُبورٌ وَلَمّا
|
انقَطَعَ اللَحنُ وَاِنتَهى المَزمورُ
|
سَمِعَ العاِِقُ المُعَذَّبُ صَوتاً
|
رَجَّعَت في العَلا صَداهُ الخدورُ
|
طَهَّرَتكَ الآلامُ من كُلِّ رِجسٍ
|
وَالهَوى في فُؤادَكَ المَوجوعِ
|
وَلَياليكَ في ظَماءٍ وَجوعِ
|
قَدَّسَت شُعلَةُ السَما فَمَكَ الإِنسِيَّ
|
فَاِحمَد نارَ السَماءِ وَمَجِّد
|
وَهَواكَ الشَقِيُّ قَدَّسَه الدَمعُ
|
فَغَمِّسهُ بِالدِماءِ وَخَلِّد
|
فَجرَّ الحُبُّ مِن فُؤادِكَ شِعراً
|
أَيُّها البُلبُلُ الصَموتُ فَأَنشِد
|
أَيُّها الفاتِحونَ في الأَرضِ طُرّا
|
أَيُّها الشارِبونَ كَأسَ الدِماءِ
|
أَيُّها الشاخِصونَ لِلكَونِ سُخرا
|
من خِلالِ القَذائِفِ الصَمّاءِ
|
وَدماءِ الضِعافِ وَالابرِياء
|
قَد عَرَفتُم مَجدَ العُروشِ العَظيمَه
|
وَطَلَيتُم تيجانَكُم بِاللُبانِ
|
وَعَشِقتُم من الجَمالِ نُجومَه
|
وَاِرتَدَيتُم مَطارِفَ الأُرجُوانِ
|
وَلَعِبتُم بِالدَهرِ وَالتيجانِ
|
ذُقتُمُ الحُبَّ في مَجالي جَمالِه
|
بَينَ رَقصِ الأَجسادِ وَالأَوتارِ
|
وَاِغتَصَبتُم حَتّى حَريمَ خَيالِه
|
مُذ شَبِعتُم من شَهوَةِ الأَقذارِ
|
شَهوَةِ الطينِ في خُدودِ السَراري
|
وَاِفتَتَحتُم مُلكَ الثَرى بِالصَوارِم
|
وَسَكِرتُم بِخَمرَةِ الاِنتِصارِ
|
وَشَربُتُم دَمَ الوَرى بِالجَماجِم
|
وَاِختَصَرتم صَفائِحَ الأَعمارِ
|
بيَراعٍ مَدادُهُ من نارِ
|
ذُقتُمُ الراحَ في اِختِلافِ كُؤوسِه
|
وَتَفَلتُم عَلى يَدِ العَصّارِ
|
ما تَرَكتُم لِلشَعبِ غَيرَ رُموسِه
|
وَظَماءِ الأَحشاءِ لِلخَمّارِ
|
وَسُقاطِ الطِلى لِبَعضِ الجَواري
|
وَعَرفتُم في المَجدِ كلَّ الأَماكِن
|
وَقُصارى لَذّاتِهِ الحَمراءِ
|
وَعَرفتُم حَتّى الغُيوبَ وَلكِن
|
ما عَرَفتُم في المَجدِ نورَ السَماء
|
مِنحَةَ الآلِهاتِ لِلشُعَراء
|