بَكَت وَهيَ صَرعى مِن هُمومٍ تَحيقُها
|
كَبائِسَةٍ في الناسِ ضاعَت حُقوقُها
|
وَصارَت تَوالي بِالشَهيقِ أَنينَها
|
فَأَسمعني لحنَ الحَياةِ شَهيقُها
|
وَأَلقَت عَلى صَدري مِن الحُزنِ رَأسها
|
غَريبَةُ دارٍ قَد نَآها صَديقُها
|
وَأَدمعُها كانَت رَحيقاً مذوَّباً
|
فَأَكسرَ قَلبي المُستَهامَ رَحيقُها
|
وَلمّا اِستَتَبَّ النَومُ في غُلبِ عَينِها
|
وَنامَ كَما نامَ الجَريحُ خفوقُها
|
سكتُّ فَلَم أَلهَث حذار تَنهدّي
|
يَمُرُّ عَلى أَجفانِها فَيفيقُها
|
وَكانَ ظَلامُ اللَيلِ يرخي سدولَه
|
وَأَنجُمهُ يذوي النُفوسَ بَريقُها
|
كَأَنَّ شُعاعَ الزُهر في شاسِعِ الفَضا
|
سِهامٌ عَلى قَلبِ الوُجودِ مروقُها
|
فَقُلتُ وَفي صَدري مِن الدَمعِ بركَةٌ
|
تحمَّلَ أَقذار الحَياةِ عَميقُها
|
إِذا كانَتِ الظَلماءُ فينا مُنيرَةً
|
فَأَحرى بِها أَلّا يَزولَ غسوقُها
|
أَحَقُّ بِنا الظَلماءُ من كُلِّ وجهَةٍ
|
فَفينا وُجوهٌ يُستَبَدُّ صَفيقُها
|
وَفينا حَزازاتٌ إِلى البَغي تَنتَمي
|
وَفينا شفاهٌ من طِلى الحِقدِ ريقُها
|
نَظَرتُ إِلى مَن خدَّدَ الدَمعُ خدَّها
|
فَأَلفَيتُ شَمساً لا يَغيبُ شُروقُها
|
كَأَنَّ نثارَ الدَمعِ تبرٌ بِعَينِها
|
يذوِّبهُ فَوق العَقيقِ مريقُها
|
فَقُلتُ عَزيزٌ يا بَني الشَرق أَن نَرى
|
الفَضيلَةَ يَمشي في المَكاسِدِ سوقُها
|
تَهيم وَلا تَدري طَريقَ نَجاتِها
|
كَأَنَّ ضلالَ العالَمينَ طَريقُها
|
هيَ الزهرةُ البَيضاءُ في عوسَجِ الوَرى
|
يحفّ بِها شوكُ الخَنا وَيُحيقُها
|
وَقَد عَصَفَت ريحٌ عَلَيها شَديدَةٌ
|
فَنَثَّرها مِثل الدُموعِ خريقُها
|
هيَ النِجمَةُ الزَهراءُ في حَدَقِ الدُجى
|
يُسامِرُها بَدرُ العَفافِ شَقيقُها
|
وَلكِنَّ غيمَ الجَهلِ لاصِقَ نورَها
|
فَحَجَّبَها عن كُلِّ عينٍ لَصيقُها
|
هيَ اِبنَةُ آمالي وَلكِن سَجينَةٌ
|
تناسى هَواها الكُلُّ حَتّى عَشيقُها
|
يَشوق فُؤادي أَن يَراها طَليقَةً
|
وَلكن قُيودُ الظُلمِ لَيس يشوقُها
|
غَفَت مِلءَ عَينَيها وَلكِنَّ روحَها
|
تَرَدَّدَ في صَدرِ الحَياةِ زُهوقُها
|
كَأَنَّ الَّذي أَخنى عَلَيها بِجورِه
|
إِلى هوَّةِ الإِعدامِ جاءَ يَسوقُها
|
أَشاحَ خَيالُ الحُبِّ عَنها بِوَجهِهِ
|
وَأَعرَضَ عَنها في الحَياةِ رَفيقُها
|
فَما وَجَدَت إِلا المَدامِعَ مُؤنِساً
|
لذلِكَ في كلِّ الظُروفِ تُريقُها
|