يا سامر الحيّ هل تعنيك شكوانا |
رقّ الحديد و ما رقّوا لبلوانا |
خلّ العتاب دموعا لا غناء بها |
و عاتب القوم أشلاء و نيرانا |
آمنت بالحقد يذكي من عزائمنا |
و أبعد الله إشفاقا و تحنانا |
ويل الشعوب التي لم تسق من دمها |
ثاراتها الحمر أحقادا و أضغانا |
ترنّح السوط في يمنى معذّبها |
ريّان من دمها المسفوح سكرانا |
تغضي على الذلّ غفرانا لظالمها |
تأنّق الذلّ حتّى صار غفرانا |
ثارات يعرب ظمأى في مراقدها |
تجاوزتها سقاة الحيّ نسيانا |
ألا دم يتنزّى في سلافتها |
أستغفر الثأر بل جفّت حميّانا |
لا خالد الفتح يغزو الروم منتصرا |
و لا المثنّى على رايات شيبانا |
أمّا الشام فلم تبق الخطوب بها |
روحا أحبّ من التعمى و ريحانا |
ألمّ و اللّيل قد أرخى ذوائبه |
طيف من الشام حيّانا فأحيانا |
حنا علينا ظماء في مناهلها |
فأترع الكأس بالذكرى و عاطانا |
تنضّر الورد و الريحان أدمعنا |
و تسكب العطر و الصهباء نجوانا |
السامر الحلو قد مرّ الزّمان به |
فمزّق الشمل سمّارا و ندمانا |
قد هان من عهدها ما كنت أحسبه |
هوى الأحبّة في بغداد لا هانا |
فمن رأى بنت مروان انحنت تعبا |
من السلاسل يرحم بنت مروانا |
أحنو على جرحها الدامي و أمسحه |
عطرا تطيب به الدّنيا و إيمانا |
أزكى من الطيب ريحانا و غالية |
ما سال من دم قتلانا و جرحانا |
هل في الشام و هل في القدس والدة |
لا تشتكي الثكل إعوالا و إرنانا |
تلك القبور و لو أنّي ألمّ بها |
لم تعد عيناي أحبابا و إخوانا |
يعطي الشّهيد فلا و الله ما شهدت |
عيني كإحسانه في القوم إحسانا |
و غاية الجود أن يسقي الثرى دمه |
عند الكفاح و يلقى الله ظمآنا |
و الحقّ و السّيف من طبع و من نسب |
كلاهما يتلقّى الخطب عريانا |
*** |
|
و الحزن في النّفس نبع لا يمرّ به |
صاد من النّفس إلاّ عاد ريّانا |
و الخير في الكون لو عرّيت جوهره |
رأيته أدمعا حرّى و أحزانا |
سمعت باريس تشكو زهو فاتحها |
هلاّ تذكّرت يا باريس شكوانا |
و الخيل في المسجد المحزون جائلة |
على المصلّين أشياخا و فتيانا |
و الآمنين أفاقوا و القصور لظى |
تهوي بها النّار بنيانا فبنيانا |
رمى بها الظالم الطاغي مجلجلة |
كالعارض الجون تهدارا و تهتانا |
أفدي المخدّرة الحسناء روّعها |
من الكرى قدر يشتدّ عجلانا |
تدور في القصر عجلي و هي باكية |
و تسحب الطيب أذيالا و أردانا |
تجيل و النوم ظلّ في محاجرها |
طرفا تهدهده الأحلام و سنانا |
فلا ترى غير أنقاض مبعثرة |
هوين فنا و تاريخا و أزمانا |
تلك الفضائح قد سمّيتها ظفرا |
هلاّ تكافأ يوم الرّوع سيفانا |
نجابه الظلم سكران الظّبى أشرا |
و لا سلاح لنا إلا سجايانا |
إذا انفجرت من العدوان باكية |
لطالما سمتنا بغيا و عدوانا |
عشرين عاما شربنا الكأس مترعة |
من الأذى فتملّي صرفها الآنا |
ما للطواغيت في باريس قد مسخوا |
على الأرائك خدّاما و أعوانا |
الله أكبر هذا الكون أجمعه |
لله لا لك تدبيرا و سلطانا |
ضغينة تتنزّى في جوانحنا |
ما كان أغناكم عنها و أغنانا |
*** |
|
تفدى الشموس بضاح من مشارقها |
هلال شعبان إذ حيّا بشعبانا |
دوّت به الصرخة الزهراء فانتقضت |
رمال مكّة أنجادا و كثبانا |
و سال أبطحها بالخيل آبية |
على الشكيم تريد الأفق ميدانا |
و بالكتائب من فهر مقنّعة |
تضاحك الشمس هنديّا و مرّانا |
تململ الفاتحون الصيد و ازدلفوا |
إلى السيوف زرافات و وحدانا |
و للجياد صهيل في شكائمها |
تكاد تشربه الصحراء ألحانا |
السابقات و ما أرخوا أعنّتها |
و الحاملات المنايا الحمر فرسانا |
سفر من المجد راح الدهر يكتبه |
و لا يضيق به جهرا و أمعانا |
قرأت فيه الملوك الصيد حاشية |
و الهاشميّين طغراء و عنوانا |
شدّ الحسين على الطغيان مقتحما |
فزلزل الله للطغيان بنيانا |
نور النّبوة في ميمون غرّته |
تكاد ترشفه الأجفان فرقانا |
لاث العمامة للجلّى و لست أرى |
إلاّ العمائم في الإسلام تيجانا |
يا صاحب النّصر في الهيجاء كيف غدا |
نصر المعارك عند السلم خذلانا |
ترى السياسة لونا واحدا و يرى |
لها حليفك أشكالا و ألوانا |
لا تسأل القوم أيمانا مزوّقة |
فقد عيينا بهم عهدا و أيمانا |
أكرمت مجدك عن عتب هممت به |
لو شئت أوسعته جهرا و تبيانا |
*** |
|
ما للسّفينة لم ترفع مراسيها ؟ |
ألم تهيئ لها الأقدار ربّانا ؟ |
شقّي العواصف و الظلماء جارية |
باسم الجزيرة مجرانا و مرسانا |
ضمّي الأعاريب من بدو و من حضر |
إنّي لألمح خلف الغيم طوفانا |
يا من يدلّ علينا في كتائبه |
نظار تطلع على الدنيا سرايانا |