دمعة على الشام بدوي الجبل

نظم الشاعر القصيدة وهو لاجئ في بغداد

.

.

حيّ الرئيس إذا نزلت بساحه

رحبا تهلّل للوفود فساحا

و اقرأ له شعري ترنّح عطفه

غرر البيان وجوّد الأمداحا

و اهتف إذا هدأ النديّ و لم تجد

إلاّ الأحبّة فيه و النصّاحا

يا شارب الماء القراح : بجلّق

لم يشربوا إلاّ الدّموع قراحا

عرس الشام طغى عليه ظالم

فطوى البساط و حطّم الأقداحا

نكث العهود و راح يحمل غدرة

بلقاء فاجرة اليمين و قاحا

***

قل للرّئيس تحيّة من شاعر

لم يقو بالبلوى فضجّ و باحا

جليت له الدنيا و زوّق حسنها

فزوى بحرّ جبينه و أشاحا

كتم الأباة دموعهم و أذعتها

حرقا مجلجلة البيان فصاحا

و لأهتفنّ بها فأسمع فيصلا

و أحرّك المنصور و السفّاحا

و أعزّ من عبد الإله بغضبة

لحمى أميّة بالشام مباحا

***

أمّا لداتك بالشام فإنّهم

حملوا الإباء سلاسلا و جراحا

نزلوا السجون فعطّروا ظلماتها

أنفا و عزّا كالضحى و جماحا

يا نازلين على السجون فأصبحت

بهم أعزّ حمى و أكرم ساحا

الله يعلم ما ذكرت عهودكم

إلا انفجرت تفجّعا و نواحا

و إذا ذكرتكم شربت مدامعي

فكأنّني ثمل أعبّ الراحا

إنّي ليحملني الخيال إليكم

فأجوب فيه سباسبا و بطاحا

و أخال أنّ البدر يحمل منكم

نبأ إليّ إذا أطلّ و لاحا

و أراكم و أكاد أسمع ضجّة

للديدبان و غدوة و رواحا

حسّ أشارككم به آلامكم

و أكاد أحمل عنكم الأتراحا

شيخ العروبة في القيود إباؤه

يخفي السنين و عبئها الفضّاحا

عنف الطغاة به و يسخر كبره

بالشامتين طلاقة و مراحا

حمل القضية و السنين فياله

من منكب زحم الردى و أزاحا

و إذا ذكرت أبا رياض عادني

شجن الغريب طغى هواه فناحا

الذائد الحامي كأنّ بيانه

أي السماء تنزّلت ألواحا

يا راكب الوجناء أخمل عهدها

إبلا ظماء في الفلاة طلاحا

مرّت كلامعة البروق فهجّنت

غرر العراب الشقر و الأوضاحا

لا تعد عند اللاّذقيّة شاطئا

غزلا كضاحكة الصّبا ممراحا

نديان من أشر الصّبا و جنونه

طلق الفتون مجانة و مزاحا

بالله إن كحلت جفونك موجه

ضمّ الشراع و قبّل الملاّحا

و اسرق من الكنز المقدّس مغربا

حلو الأصيل و مشرقا لمّاحا

و انزل على خير الأبوّة رحمة

تسع الحياة و عفّة و صلاحا

يشكو السقام فإن هتفت أمامه

باسمي تهلّل وجهه و ارتاحا

و أطل حديثك يستعده تعلّلا

بالذكر لا لتزيده إيضاحا

و إذا ألحّ فللحنان عذوبة

في مقلتيه تحبّب الإلحاحا

و الثم أحبّتي الصغار و رفّها

غررا نواعم كالورود صباحا

و احمل لإخوان الجهاد تحيّة

كالروض رفّ عباهرا و أقاحا

و إذا نزلت ببانياس فحيّها

عنّي و ضمّ عبيرها الفوّاحا

و اسكب على قبر هناك معطّر

بالذكريات فؤادك الملتاحا

و أنا الوفيّ و إن نزحت و ربّما

لجّ الحنين فأتلف النزّاحا

إنّ الفراخ على نعومة ريشها

ريعت ففارق سربها الأوداحا

***

فتّ العدوّ بمهجتي و تركتهم

حنقا عليّ يقلّبون الرّاحا

عزم فجأت به العدى لم أستشر

نجما عليه و لا أجلت قداحا

مالي أكافح بالبيان و إنّه

جهد المقلّ عزيمة و كفاحا

و من الغضاضة أنّني أرضى به

بعد الظماء المرهفات سلاحا

فلئن سلمت لأهتفنّ بغارة

شعواء أحكمها ظبى و رماحا

و لأشهدنّ بكل فجّ معقلا

للظلم زعزعه القضاء فطاحا

***

خلّوا جناحا في العراق لنسره

و تخوّفوه في الشام جناحا

و لو أنّهم خلّوا عنان جناحه

لغدا به بين النّجوم و راحا

***

أمّا اللواء فللعراق و ربّما

زحم الكواكب نجدة و طماحا

آسي الجراح الداميات حنانه

و هفا ورقّ طلاقة و سماحا

النازلون على العراق تفيّأوا

ظلّ العراق معطّرا نفّاحا

الله أطلع في مخائل فيصل

عند الخطوب الزّاحفات صباحا