نم بقلبي بدوي الجبل

أدموعا تريدها أم رحيقا

لا ونعماك ما عرفت العقوقا

تتجلّى عند المغيب لعيني

ضياء عذب الحنان رفيقا

و جلاك الشروق حتّى تبيّنت

محيّاك فاحتضنت الشروقا

و تزور البروق تخبرني عنك

و لولاك ما استزرت البروقا

كلّ حسن أرى محيّاك فيه

فأطيل الإمعان و التحديقا

طرق الطيف بعد أن غاب وهنا

أنت أحلى من النعيم طروقا

مرّ في وحشتي نعيما و أنسا

و محا أدمعي رحيما شفيقا

كلّما غبت عنه أو غاب عنّي

لاح في خاطري وسيما أنيقا

إن رعى صحبتي و أوردها الصفو

فقد كان بالمعالي خليقا

نم بقلبي و لو قدرت منعت الـ

ـقلب حتّى تقرّ فيه الخفوقا

نم بقلبي و حرمة لك لن

تسمع منّي تأوّها و شهيقا

نم بعيني فقد فرشت لك الأحلام

مخضلّة الورود طريقا

نم بعيني إذا اصطفيت رؤاها

همّ عيني أن تصطفى و تروقا

زيّن الجفن دمعه لك فانهل

سلافا عذبا و مسكا فتيقا

***

إنّ قلبي خميلة تنبت الأحزان

وردا و نرجسا و شقيقا

لو على الصّخر نهلة من جراحي

راح مخضوضل الظلال وريقا

همّي الهمّ لو تكشّف للنّاس

لأغرى حسنا و راع بريقا

أترع الكأس للرّبيع فغنّى

و انتشى بانه فماس رشيقا

نجمتي و الطريق تيه و ليل

و رفيقي إذا فقدت الرفيقا

إنّ بعض الأحزان يخطب بالمجد

و بعض يشرى رقيقا

من جراح الضّحى سنى أريحيّ

نضّر الكائنات حين هريقا

أنا و الهمّ كلّما أقبل الهمّ

مشوق يلقى أخاه المشوقا

أيّها الناعمان في الغفوة النشوى

أفيقا على الصّباح أفيقا

سكر الشعر من سلافي و عبّت

من دناني فجنّت الموسيقا

***

وحدتي عالم من السّحر و الفتنة

حلو القطاف خمرا و ريقا

و أديم يغفو ثراه على العطر

و يغريه عنبرا مسحوقا

طف بقلبي تجد به ألف دنيا

لا يلاقي الشقيق فيها الشقيقا

سكنته الشموس من كلّ أفق

و تحدّى أشتاتها أن يضيقا

حفي الفكر في عوالمها الفيح

و لم يبلغ المكان السّحيقا

كلّ أفق تضيق فيه أسيرا

سعة الأفق أن تكون طليقا

***

لا تلمنا إذا تركنا الميادين

سمّوا بحقّنا و وثوقا

فالأصيل العتيق يأنف شوطا

لم يشاهد فيه أصيلا عتيقا

ذلّ شوط يكون بين البراذين

فلا سابقا و لا مسبوقا

لم تحمحم تختال بالحسن و القوّة

بل حمحمت تريد العليقا

ما نزلنا عن السروج عياء

لو ركبنا لما أطاقوا اللحوقا

و لنا السبق فامسحوا غرر

الخيل بأيمانكم تشمّوا الخلوقا

أيّها الزاعمون أنّا فرقنا

صائد الليث لا يكون فروقا

كيف يرمى بالخوف من زحم

الأسد و أعيا أنيابها و الحلوقا

أنكرونا يشهد حطيم قيود

و سمت منكم رقابا و سوقا

سدّة الحكم بعد آساد خفّان

تضمّ الأحلاف شاء و نوقا

أبطر الحاقدين حلم أبي حسّان

و الحلم أن تقيل الصديقا

جحدوا فضله و لا لوم عندي

إنّ فضل الرئيس ضلّ الطريقا

إنّ نعمى الكريم دين على

الحرّ و تجزى من اللئيم عقوقا

نامت الشام فاستغلّوا كراها

موعد الهول بيننا أن تفيقا

لا أغالي بلومها فهي حسناء

تحبّ الدّلال و التلميقا

إنّ عنف العتاب يؤذي أحبّا

ي و أحلاه ما يكون رقيقا

***

جمرة الحقد في السرائر لولا

ذلّ أصحابها لشبّت حريقا

قد أرقدنا دمائنا فسلوه

أيّ دمع من مقلتيه أريقا

حمّلوه ما لا يطيق و كانت

بدعة تخجل العلى أن تطيقا

دعك من زحمة العواصف و اترك

للعقاب السماء و التحليقا

خلق الله للعظائم و المجد

فريقا و للصّغار فريقا

يا زعيمي عند الدّعاء و لو شئت

لناديت في الزّعيم الصّديقا

كيف تغفو ألم تر الشام في

النزع و تشهد لواءها المخنوقا

مزّق القبر فالشام تناديك

و تبكي مكانك المرموقا

مزّق القب فالجلاء يتيم

بدّدوا إرثه و غالوا الحقوقا

ألسّري العريق هان على

الدّهر كأنّ لم يكن سريّا عريقا

***

من راى في السّقام سعدا رأى

الفجر وديع السّنا وسيما طليقا

يتنزّى و لا يطيق وثوبا

حسرة الشّمس لا تطيق الشروقا

سألوا يوم سبقه كيف جلّى

من سجاياه أن يكون سبوقا

راودتك الدّنيا على الحسن

و الجاه فكنت المبرّأ الصدّيقا

سألتني عنك الخمائل في الغوطة

تشتاق عطرك المرموقا

و دروب خضر عليها خطى

الشاء تعيد التغريب و التشريقا

و ظلال سكرى و فوضى من الزّهر

تحدّى جمالها التنسيقا

ما تبرّجن للعيون فغالي

الحسن يأبى الإغراء و التشويقا

ودّت الورق لو خلعن من الحزن

عليك البياض و التطويقا

***

تيّمت قلبك الطبيعة

بالحسن بريئا معطّرا موثوقا

كرّم الله دنهّا و الندامى

و صبوحا على الهوى و غبوقا

للنّبي ّ الإشراق من حسنها

السمح و أرضى منه الخفيّ الدقيقا

حملت قوسها فهيّأت قلبي

و ترّقبت سهمها المرشوقا

***

مر أرنّح عطفيك بالشّعر

من عيني و قلبي منمنما منسوقا

حضريّ الخيال إن ذكر المنبت

سمّى نجدا و سمّى العقيقا

عندي الكنز لا يضير غناه

أن يكون المنهوب و المسروقا

و كؤوس من السماء تشهّت

حور رضوان عطرها و الرّحيقا

عاب كأسي و لم يذق عطر كأسي

لا تعبها بالله حتّى تذوقا

يا صحيح الإخاء قد كشف النّاس

إخاء مموّها ممذوقا

أتمنّى اللّحاق فيك و أشكو

للقضاء التأخير و التعويقا