لا الأمس يسلبك الخلود و لا الغد |
هيهات أنت على الزمان مخلّد |
تتجدّد الدّنيا و قلبك وحده |
دنيا تعيد شبابها و تجدّد |
لك من خيالك عالم متناسق |
بهج تعاود خلقه و تدوّد |
أمّا البسيطة فهي فيه خميلة |
ولع الرّبيع بها و رحت تغرّد |
و سكبت في الأنغام قلبك دمعة |
لا كالدّموع و رحمة تتنهّد |
خلع الحياة على البلى فكأنّه |
للبعث من قبل الأوان يمهّد |
قيس و ليلى بعد طول كراهمت |
ثغر يرفّ ووجنو تتورّد |
بعثا كعهدهما القديم فمن رأى |
تلك العيون يرفّ فيها الإثمد |
في كلّ قلفية حياة تجتلى |
و منى تضوع و زفرة تتردّد |
صور الجزيرة ما جلوت من العلى |
و الحسن لا ما أوّلته الحسّد |
الحبّ و الخيم المنيفة و القرى |
و لبانة عند الغدير و موعد |
و سكينة الصحراء إلاّ هازجا |
مرحا يعيد حداءه و يردّد |
*** |
|
يا شاعر الدّنيا لقد أسكرتها |
ماذا تغنّيها و ماذا تنشد |
خفّت بزينتها إليك مشوقة |
سكرى تعبّ كؤوسها و تعربد |
و جلت على الشعراء قبلك حسنها |
لكن أراك شهدت ما لم يشهدوا |
الزاهدين بها ولو كشفت لهم |
سرّ الحياة المجتلى لم يزهدوا |
نظروا إلى خير الوجود و حسنه |
شزرا كما نظر الضياء الأرمد |
أطريت فتنتها فدع في غيّه |
من راح يعذل حسنها و يفنّد |
العبقريّة شعلة من نارها |
حمراء ناضرة اللّظى تتوقّد |
و الشّعر و النّغم الشجيّ و رحمة |
تسع الوجود و نقمة تتوعّد |
*** |
|
يا فتنة الدنيا يذمّك معشر |
و الحقّ كلّ الحقّ في أن يحمدوا |
ألهب نبوغك في الحياة و حبّها |
و أنا الضمين بأنّه لا يخمد |
الكنز بين يديك فانثر درّه |
إنّي أراه يزيد حين يبدّد |
ظلم الجمال أبا عليّ من رأى |
أنّ الجمال غواية تتودّد |
و سموت في صور النعيم تعدّها |
من نعمة الله التي لا تجحد |
الحقّ و الإبداع من نفحاتها |
و الهير من أسمائها و السؤدد |
حبّ الجمال عبادة مقبولة |
و الله يلمح في الجمال و يعبد |
*** |
|
يا شاعر الدّنيا نديّك حافل |
و الجمع مصغ و المواكب حشّد |
ينتظرون السّحر من جبّاره |
هيهات دون السّحر باب موصد |
يشكى إليك و أنت رهن منيّة |
و تزار في عنت الخطوب و تقصد |
و لقد يرجّى السيف و هو ملثّم |
و لقد يهاب اللّيث و هو مصفّد |
فاذهب كما ذهب الرّبيع على الرّبى |
منه يد و على القلوب له يد |
و لك الإمارة في البيان يقرّها |
أمس الزّمان و لا يضيق بها الغد |