لا تعيدي ألحانه لا تعيدي |
جلّ ذاك الهوى عن التقليد |
نعم البلبل الأسير فقد عاد |
إلى أفقه الفسيح المديد |
شاعر لا يحدّه الكون ملّت |
نفسه ضيق عالم محدود |
و رأت جسمه على كرم العنصر |
سجّان كنزها المرصود |
فهي تقسو عليه ، تمعن في الهدم |
و تأسى لركنه المهدود |
فإذا هدّها الصراع اطمأنّت |
و نجت في خيالها المصفود |
لم يكن موته فراقا و لكن |
هذه أوبة الخيال البعيد |
عاد للفن ذلك النغم العذب |
و آبت حنّانة التغريد |
و انطوى في شذى الرّبيع و قد |
ضمّ فنون العبير عطر الورد |
قوّة من هوى و سحر رمتها |
ربّة الشعر في يدي (كوبيد) |
كلّما آذن الفناء تنادت |
بوجود يطلّ خلف وجود |
ملهم الشعر من هوى كلّ نفس |
و لبنات كلّ قلب عميد : |
يتمت بعدك القوافي و ضجّت |
باكيات بيومك المشهود |
بعض نجواك للمشيب و إن |
نزّهت نجواك عن أذى و حقود |
يجمع الدّهر من غدائر بيض |
حين يسطو و من غدائر سود |
و لعلّ الردى أحنّ على الشعر |
و أحنى على الصّريع الشهيد |
*** |
|
رزئ الشعر فيك عبد الحميد |
عبقري القديم عذب الجديد |
غزل يسكر النفوس و يدني |
ما نأى من خيالها المنشود |
و أغان تعيد حبّا و عطرا |
ما روته العصور عن داوود |
فترشّف منهنّ خمر ثغور |
و تنشّق فيهنّ عطر خدود |
من قواف كأنّها بسمات |
حاليات على شفاه اللغيد |
قيّدت بالرويّ بعد انطلاق |
نزوات الحنين و التّغريد |
كلّما ردّد المغنّون رقّت |
و هفا السامعون للترديد |
و أطلّت منها فتون ثغور |
و لبانات أعين و نهود |
و جراحات كلّ قلب ظمئ |
و ابتسامات كلّ ثغر برود |
و المنى العاريات ألهبها |
الشوق فجنّت و لوّحت بالبرود |
و حنت تنشد الخلود ليغفو |
بين أحضانها إله الخلود |
عمر في القصيد من آل نعم |
و سليمان قبله في النشيد |
و المحبّون بسمة عند ثغر |
يتملّى و معصم عند جيد |
طال عهدي بالشعر إلاّ لماما |
زورة الطيف بعد طول الصدود |
و أنا شاعر الشباب و عندي |
ما يشاؤون من منى و قصيد |
لم أخن عهدهم فحبّي على ما |
ألفوه و ذمّتي و عهودي |
و الميامين آل جفنة و التّاج |
عليهم أبوّتي و جدودي |
لا تغرّنك ضحكة من حزين |
ضحكات البروق سرّ الرّعود |
*** |
|
حبّذا عهدنا على الغوطة الخضراء |
و الحسن دائم التجديد |
و ليال لنا على الرّبوة المئناف |
سكرى نعيمها الموعود |
نتهادى على عيون الأقاحي |
و نعفو على شفاه الورود |
أنشد الشعر و الشباب سكارى |
من معيد منهم و من مستزيد |
لا أبالي و قد قسوت على الظالم |
عسف الدجى و عضّ الحديد |
و لئن نالني الشباب بلوم |
فبنعمى الشباب أورق عودي |