لا الحقد خمرة أحزاني و لا الحسد |
من جوهر الله صيغ الشاعر الغرد |
سقيت أحزان قلبي من غقيدته |
فأسكر الحزن ما أغلي و أعتقد |
و الهمّ يعرف كيف اختاره كبدي |
و كيف تكرم جمر اللوعة الكبد |
نعم العطاء و حسبي أنّها انغمست |
تمزّق العطر من جرحي يد و يد |
يا من ألحّ على قلبي يقطّعه |
ألحّ منه عليك الخمر و الشهد |
دام و يعبق صهباء و غالية |
سجيّة في الأراك العطر و الملد |
عندي الوسيم من الغفران أسكبه |
عطرا على كلّ من آذوا و من حقدوا |
أكبرت عن أدمعي من كان مضطهدا |
و رحت أبكي لمن يطغى و يضطهد |
الحاصدون من الدنيا شماتتها |
لولا الذي زرعوا بالأمس ما حصدوا |
ظمئت و الشمس من كبر و من أنف |
و رحت و الشمس لا نعنو و لا نرد |
أعلّها من فؤادي بعض لوعته |
فرنّح الشمس ما أشكو و ما أجد |
للشعر و الشمس هذا الكون لا عدد |
يطغى على النّور في الدنيا و لا عدد |
لقد حلفنا على الجلّى و زحمتها |
أن لا يفارقنا عزّ و لا صيد |
قرى الخطوب إذا ضجّت زعازعها |
صبر الكريم على البأساء و الجلد |
و ضاق قوم بأشعاري و موكبها |
في موكب الشمس يخزى الحقد و الرمد |
*** |
|
يؤنّق الظلم من أعذاره نفرا |
كأنّهم من هوان الذلّ ما وجدوا |
الشّاتمين من الأعراض ما مدحوا |
و الثالبين من الطغيان ما حمدوا |
البائعين لدى الجلّى و ليّهم |
و الرائجين و لولا ذلّهم كسدوا |
إذا المغانم لاحت و هي آمنة |
هبّوا فإن حميت نار الوغى همدوا |
إذا تبلّج فجر النّصر بعد دجى |
و قرّ بعض الضراب الصارم الفرد |
طوى الشجاع على صمت بطولته |
و جرجرت ناقة و استأسدت نقد |
سكبت في الكأس أشجاني فتلك يدي |
من عبء ما حملته الكأس ترتعد |
أين الذوائب من قومي و ما اقتحموا |
من الفتوح و ما حلّوا و ما عقدوا |
أفدي القبور الني طاف الرجاء بها |
يا للقبور غدت ترجى و تفتقد |
و لي قبور على الصحراء موحشة |
فلا تزار و لا يدري بها أحد |
الحاليات و لا ماء و لا زهر |
و الثاكلات و لا ثأر و لا قود |
طوت جفون الردى بيضا غطارفة |
لو أنّهم ما وجدوا شمس الضحى مجدوا |
لم أعرف الحقد إلاّ في مصارعهم |
و لم أجز قبلها أعذار من حقدوا |
تلك القبور و قلبي لا يضيق بها |
ضاقت بزحمتها الأغوار و النجد |
مصارع الصيد من قومي فكلّ ثرى |
بدر و كلّ أديم موحش أحد |
لو كان يعلم سعد الله ما ابتدعت |
بي الخطوب تنزّى الفارس النجد |
و لو درى هاشم حزني لدلّلني |
و ردّ عني العوادي الصيغم الحرد |
أحبّتي الصيد شلّ الموت سرحهم |
و قد حننت إلى الورد الذي وردوا |
السّالكون من العلياء أخشنها |
و القاحمون و غير الشمس قصدوا |
أكذّب الموت فيهم حرمة و هوى |
و للأماني طريق هيّن جدد |
لعلّهم من عناء الفتح قد نزلوا |
عن الصّوافن فوق الرّمل و اتّسدوا |
لعلّها غفوة الواني فإن رويت |
جفونهم من لبانات الكرى نهدوا |
ترفّقي يا خطوب الدّهر و اتّئدي |
لا تجفلي النّوم في أجفان من سهدوا |
و حاذري أن تثيري من مواجدهم |
لم يصرعوا بالرّدى لكنّهم رقدوا |
يصونهم من حتوف النّاس مجدهم |
كأنّهم من جلال المجد ما فقدوا |
طال انتظار المذاكي في مرابطها |
ألا يرقّ لها فرسانها النجد |
*** |
|
يا شاعرا زحم الدنيا بمنكبه |
كالسيل يهدأ حينا ثمّ يطّرد |
تراقصت في لهيب من فريحته |
ثلوج لبنان و الأمواج و الزبد |
حلو الشمائل لم يجهد بشاشتها |
عبئ السنين و لا أزرى بها الكمد |
عرار نجد شميم من سلافته |
و الحور و الدعج المخمور و الغيد |
و للهوى ألف قصر في جوانحه |
و كلّ قصر له من عبقر رصد |
و في العقيق على الوادي و ضفّته |
حنت و حنّت قواف كالضحى شرد |
فمن نسيب كما ناحت مطوّقة |
و الفجر يسرع و الظلماء تتّئد |
ألمسكر القدّ حتّى كلّه هبف |
و المسكر الريق حتّى كلّه برد |
على نهود العذارى من فرائده |
عطر و في الجيد من أغزاله جيد |
و من حماس إذا ريعت عرينته |
كما زمجر دون الغابة الأسد |
من كلّ مبرقة بالحقّ مرعدة |
كالموج في العاصف المجنون يحتشد |
يجلجل الهول فيها فالظبى مزق |
من الحديد المدمّى و القناقصد |
و الصّافنات و قد ضجّت سناكبها |
و ضجّ فوق الجياد الضمّر الزرد |
*** |
|
أبا الكوكب من شعر و من ولد |
تقاسم النّور منك الشعر و الولد |
فمن قواف على أنغامها عبق |
و من قواف على غرّاتها رأد |
بيني و بينك عهد الأوفياء فهل |
أدّى المحبّون للأحباب ما وعدوا |
عهد على إهدن الخضراء .. نبعتها |
و الشعر و البدر حفّاظ لما شهدوا |
بتنا صفّيين لم نسلف قديم هوى |
بشاشة النور تغري كلّ من يرد |
أبا الكواكب عهدي أنت تعرفه |
لا ينطوي العهد حتّى ينطوي الأبد |
*** |
|
من شاعر رنّح الدنيا فما ازدحمت |
إلاّ به و له الأخبار و البرد |
غضون وجه .. سطور خطفها قلم |
لاه فيسرف أحيانا و يقتصد |
و قامة تحمل التسعين لا وهن |
فيها على الرحلة الكبرى و لا أود |
و للعيون بريق كاد يحسده |
زهو الشباب و أبراد الصبا الجدد |
و العبقريّ شباب عمره و هوى |
و جذوة في زوايا قلبه ودد |
تلك الطيوف كنوز من رؤى و منى |
ألروح مثرية و المملق الجسد |
لبنان يا حلم الفردوس أبدعه |
على غرار ذراك الواحد الصمد |
و زاهدين بحسن أنت غرّته |
لو آمنوا بجمال الله ما زهدوا |
حسن أتمّ على لبنان نعمته |
محسّد و تمام النعمة الحسد |
يا جنّة الفكر يسمو كبف شاء و لا |
أفق يحدّ و لا شأو و لا أحد |
يا مكرم النجم في معسول غربته |
لكلّ نجم ذراك الأهل و البلد |
كأنّما الشمّ من لبنان في سفر |
البدر يقرب و الغبراء تبتعد |
أرائك لنجيمات مدلّلة |
ينازع النوم في أجفانها السهد |
كأنّها من ملوك الجنّ قد سحروا |
و هم قيام فما همّوا و لا قعدوا |
كأنّها هجّد طال الوقوف بهم |
حتّى انجلى للقلوب الواحد الأحد |
كأنّهم من جلال الله قد شدهوا |
عند اللقاء فما خرّوا و لا سجدوا |
ألحسن منسجم فيه ز مختلف |
و الحسن مجتمع فيه و منفرد |
جرى سنى البدر ماء في خمائله |
فرحت بالموجة الزهراء أبترد |
*** |
|
صانت مسوحكم الفصحى و كان لها |
منكم بمحنتها الأركان و العمد |
قرّت بأديرة الرّهبان يغمرها |
شوق البنين و حبّ مترف رغد |
الزاحمون بها الدنيا إذا انتهبوا |
و الزاحمون بها الأخرى إذا هجدوا |
ألمنزلوها على أندى سرائرهم |
كأنّها عطر ما صلّوا و ما عبدوا |
لم يخذلوا لغة القرآن أمّهم |
و كيف يخذل قربى كفّه العضد |
و للأذان و للنّاقوس من قدم |
عهد على الحبّ و الغفران ينعقد |
تعانقت مريم فيه و آمنة |
و حنّ للرشد الإيمان و الرشد |
أبا الكواكب في الخلد مكرمة |
أو نعمة كنت ترجوها و تفتقد |
تنحّت الحوار إجلالا لشاعرها |
و استقبلتك عذارى شعرك الخرد |
من كلّ سمراء معسول مراشفها |
و لا تلوّح بالسقيا و لا تعد |
لا تخطئ العين أنّ الأرز منبتها |
و أنّ والدها قحطان أو أدد |
و نسمة من صبا لبنان أوفدها |
لك الأحبّة و الأنباء و الحفد |
هل في ربى الخلد ما ينسيك أرزته |
و النور و الحسن في أفيائها بدد |
أحقّ بالشوق للأوطان من نزحوا |
و بالحنين لريّاها من ابتعدوا |
يزيدها ألف حسن بعد فرقتها |
قلب و يفتنّ في تلوينها خلد |
هل جنّة الله عن لبنان مغنية |
أستغفر الله لا كفر و لا فند |
*** |
|
حملت من بردى للأرز مرقصة |
فيها الصّبابة و الأشواق تحتشد |
عروبة الشام يا لبنان صافية |
سمحاء كالنّور لا مكر و لا عقد |
تنزّه الحبّ عن منّ و عن نكد |
و قد ينغّص حسن النعمة النكد |
نحن المحبّين نهواكم و نؤثركم |
هل كان من دلّلوا بالقربى كمن و أدوا |
نحن الظماء و نسقي الحبّ أرزكم |
ألحبّ في الشام لا نزر و لا ثمد |
*** |