هواجس بدوي الجبل

هواجسي فيك إيمان و غالية

و أنجم و فراش تعبد اللّهبا

و سالفات رؤى حين اشتهيت لنا

في البيد خيمتها السمراء و الكثبا

هواجس أنت دنياها و معدنها

فكيف تبدع إلاّ النّور و الطربا

النازلات على قلبي و نعمته

حورا من الأفق القدسيّ لا ريبا

المترفات و أحلاها و أملحها

طيف مع الفجر من أهدابك انسربا

روى لنا عنك ما ندّى سرائرنا

من المنى السمر إن صدقا و إن كذبا

تصوّف القلب تدليلا لساكنه

فما شكى عنت البلوى و لا عتبا

و كيف يوحش قلبي من سلافته

و قد أدرت عليه الحبّ و الأدبا

يا عذبة الثغر .. لو طاف الخيال به

قرأت في وجهك الإشفاق و الغضبا

إذا تمنّاك قلب لا نجوم به

تململ الفلك الغيران و اضطربا

يردّ حسنك أهواء النفوس تقى

و يسكب الخير و الأطياب و الشهبا

كأنّه الكعبة الزهراء ، ما اجترحت

منى الحجيج بها إثما و لا لعبا

***

غيب لحبّك من نعمى اليقين به

كأنّني كاشف عن سرّه الحجبا

بيني و بينك أنساب موثّقة

هذا اللهيب بقلبي خيرها سببا

فلو بخلت بنعماء العذاب لما

نشدت عندك إلاّ جمره أربا

لم يشهد الله قلب لا لهيب به

و يشرق الله في القلب الذي التهبا

أعيذ مؤنس ، روحي ، بعد وحشتها

أن يستردّ من النعماء ما وهبا

يا ضيعة النغم الأسمى و لوعته

إذا محى الخالق الفنّان ما كتبا

شفّعت عندك حبّي في مواجعه

و ما تمزّق من قلبي و ما سلبا

أخفيت ظلمك عن نفسي لأرحمها

ثمّ ابتدعت له الأعذار و السببا

***

هواك عندي مقيم في مواطنه

فإن تحوّل عن نعمائها اغتربا

أحبّك الحبّ تأليها خلعت به

على تدلّهي الإجلال و الرهبا

***

سكبت في دربك الأطياب والهة

و جلّ كأسك عن عطري الذي انسكبا

لعلّه – و الخطى السمراء تسلكه

يعلّها من حنيني بعض ما شربا

أغليت نعمى الهوى عندي و محنته

فحبّ ما مرّ منه حبّ ما عذبا

مدامعي فيك لو أكرمت جوهرها

أكرمت فيها الهوى و الشعر و العربا

أجلّ بابك عن طول الوقوف به

فقر الكريم تجلّى صمته طلبا