ظمأ الى السراب بدوي الجبل

يرافقني سرابك أريحيّا

فأغمر بالرحيق و بالملاب

سراب أسمر القسمات هان

نديّ اللمح ورديّ الحباب

يزوّق لي الرّمال جنى و ظلاّ

و يغمز بالكؤوس و بالشراب

و قطّف ما ينور من طيوف

على أجفان ناهدة كعاب

و علّل بالرجاء فكان أحنى

عليّ من الأحبّة و الصحاب

محا حقد الهجير على الصحارى

و وحدتي المريرة و اغترابي

فيا نعمى القلوب و لا أداري

و يا نعمى العيون و لا أحابي

سرابك رحمة و منى حسان

سكبن طيوبهنّ على عذابي

أحثّ خطاي في اللّهب المدمّى

إلى أفيائه الخضر الرطاب

سقى عيني متارفه و روّى

ظماء الرمل بالنطف العذاب

فلو كان الشباب كما عهدنا

و هبت جزاء نعمته شبابي

بكيت من السراب فحين ولّى

و أوحدني . بكيت على السراب

و أشقاني اليقين فيا حنيني

إلى الخدع المنضّرة السوابي

مغان للسراب خفين إلاّ

طيوف الجنّ في الةهج المذاب

أتمحو يا سراب خطاك ... هوج

مواح للمعالم و القباب

يدلّ على خطاك شذا و حبّ

فأرشف ما وطئن من التراب

سقى اللخ السراب وفاء قلبي

و عطر سريرتي و صبا ربابي

و نضّره بأندى من دموعي

و دللّه بأنعم من عتابي

بما بين الجوانح من حنين

ملحّ في الشهود و في الغياب

بنار تدلّهي ، برؤى جنوني

بإيماني بحبّك ، بارتيابي

بوجهك و هو نور في صلاتي

بهمسك و هو ورد في كتابي

بعزّة لوعتي ، بحياء حزني

بسكري عند لمحك و اضطرابي

بأنداء الصّباح منمنمات

بما سكب الربيع على الروابي

سقى الله السراب منى بروحي

على الحرمان زاخرة العباب

فيصبح و هم نعمته يقينا

و تستغني الرمال عن السحاب

و تلثم ما أسبّح من شفاه

و ترشف ما أقدّس من رضاب

***

هواي سجيّة و شباب قلب

و جلّ صبا القلوب عن التصابي

خضبت بلون سمرتك المصفّى

حياتي و المحبّب من رغابي

و لامك عندنا قوم و عابوا

يجلّ النور عن لوم و عاب

و أنت النور في عيني و قلبي

على حاليك من شهد و صاب

سريرتك الضياء بلا غروب

و عيناك الغيوب بلا حجاب

وقفت بباب جاهك مطمئنا

كأنّ الدّهر و الدنيا ببابي