حنا السراب على قلبي يخادعه |
بالوهم من نشوة السقيا و يغريه |
فكيف رحت و لي علم ببطاله |
أهوى السراب و أرجوه و أغليه |
ويح السراب على الصحراء تسلمه |
رمالها السمر من تيه إلى تيه |
يزوّر الماء للسقيا و لهفته |
حرّى إلى منهل يحنو فيسقيه |
جلا النمير و ما ابتلّت جوانحه |
من النمير و لا ابتّلت مآقيه |
أيّامه خدع الركب ضاحكة |
سخرا و للعدم القاسي لياليه |
صرعاه لو عرفوا الأسرار ما جزعوا |
ممّا يعانون بل ممّا يعانيه |
ألا يملّ السراب الغمر وحدته |
ألا يحنّ إلى نعمى تندّيه |
هيمان لهفان لا مأوى لوحشته |
قلبي الذي وسع الأكوان يؤويه |
أبكي لبلواه تحنانا و مغفرة |
روح الألوهة روحي حين أبكيه |
إذا خدعت فقد جازيت خدعته |
بالعذر أبسطه و الذنب أطويه |
ادعو السراب إلى روحي فقد حليت |
بها اللبانات ترضيه و تغويه |
لهفي عليه أسيرا في يدي قدر |
يميته كلّ يوم ثمّ يحييه |
يغيض قبل رفيف الجفن زاخرة |
أقلبه جفّ أم جفّت سواقيه |
ماء و لا ريّ يندي في شمائله |
كأنّه القول فاتته معانيه |
يزوّق الحسن ألوانا و ما عصفت |
بروحه سورة للحسن تصيبه |
هذي مراعيه عطل من بشاشتها |
حنّت لشبّابة الراعي مراعيه |
لو صعّد القصب الولهان زفرته |
لنوّرت بيده و اخضلّ واديه |
ما للسّراب دنا حتّى إذا اكتحلت |
بسحر دنياه عيني شطّ دانيه |
أنت السراب و لكني على ظمأي |
بأنهر الخمر في الفردوس أفديه |
محوت من قلبي الدنيا فما سلمت |
إلاّ طيوف هوانا وحدها فيه |
*** |