خلق الشاعر و البؤس معا |
فهما خلاّن لم يفترقا |
*** |
|
ذهب العمر و لم تمسك بدي |
بين أترابي صفيّا أو خليلا |
أنا في الكون شقيّ حائر |
لا أرى نورا و لا أهدى سبيلا |
أنا طير لم يغرّد فاسمعوا |
بالدجى منه نواحا و عويلا |
أنا إنسان غريب أمره |
شرب السمّ و عاف السلسبيلا |
أنا روح حرّة طائرة |
رضيت بين الراري مقيلا |
تومق الدنيا فتبكي جزعا |
و تناجي أهلها جيلا فجيلا |
شاركت في الحزن من ذاق الأسى |
و أبت حين نوى الإلف الرحيلا |
بورك الحبّ و ما أعدله |
ملك الروح و لم ينس الهيولي |
*** |
|
قد سرى في الكون حتّى لم يدع |
في قلوب الناس قلبا مغلقا |
هو حزن هادئ في غبطة |
و هو لو ذقت نعيم في شقا |
*** |
|
إيه يا موج سلاما هكذا |
يرسل الصبّ مع الموج سلامه |
أنا مظلوم فمن هذا الذي |
يرفع الغمّة عنّي و الظلامه ؟ |
مرّ بي الدهر فأدمى مقلتي |
بعد أن اثبت في قلبي سهامه |
لم يغيّرني سقاما و هوى |
إن يكن غيّرني وجها و قامه |
هات حدّثني عن العهد الذي |
كان في ثغر لياليّ ابتسامه |
لا أرى من بعد عشرين مضت |
عجبا إن عاود القلب غرامه |
ذكر الشام سقاها صيّب |
طاهر المزن وحيّتها غمامه |
لا تلمه حين يصفيها الهوى |
إنّما الشام بوجه الدّهر شامه |
*** |
|
كيف لم أقض حنينا ز أسى |
يوم فارقت برغمي جلّقا |
للّقا : قالت : و من أعلمها |
أنّني أحيا إلى يوم اللّقا |
*** |
|
أنشقي أزهار شعري غضّة |
إنّني ألقيتها بين يديك |
و اعذريني حين أبكي و اذرفي |
دمعة طاهرة من مقلتيك |
حرت في الحبّ إلى أن لاح لي |
سرّه مجتجبا في ناظريك |
قوّة قاهرة تجذبني |
حيثما يمّمت مضطرّا إليك |
هذه الموجة فرّت بعدما |
قبّلت بالسرّ إحدى قدميك |
لا تلوميها فما في قبلة |
طهرت إثم عليها أو عليك |
و نسيم الصبح ما أسعده |
حين ترويه حميّا شفتيك |
ويح شنفيك قد اهتزّا هوى |
حينما شمّا الشذى من وجنتيك |
كلّ ما في الكون يهواك فهل |
حلية الزندين تهوى معصميك |
*** |
|
إنّ في نهديك طيبا عبقا |
أنشقي الشاعر هذا العبقا |
و اذكري الشاعر و البؤس معا |
فهما خلاّن لم يفترقا |
*** |