يا أرز لبنان و قد أقبلت |
ميّ و سرب الغانيات الملاح |
و انحنت الهامات من هيبة |
لمجدك البادي بتلك البطاح |
أمّا قرأت الحبّ في سورة |
خطّت على تلك الوجوه الصباح |
كافحت إعصار الردى ظافرا |
فمن محا آثار ذاك الكفاح |
و جرّد الدّهر عليك الظبى |
فانخذل الدهر و فلّ السلاح |
غالبته تسخر من صرفه |
كبرا و لا تخشى القضاء المتاح |
ما نال منك الدهر إلاّ الذي |
نالت من الصخر الأصمّ الرياح |
أين سليمان و بلقيسه |
اخت هلال الأفق بنت الصباح |
و أين ذاك الهيكل المرتجى |
هيضت خوافيه و قصّ الجناح |
فاتل على ميّ أحاديثه |
من يوم شادوه إلى اليوم طاح |
*** |
|
يا بردى الشام و قد أقبلت |
ميّ الفتاة الغادة الشاعرة |
لا تنكر الشّوق فقد صفّقت |
من وجدها أمواهك الطاهرة |
تلا عليها بردى ما جرى |
عليه في أيّامه الغابرة |
فاستعبرت تذكر آلامه |
يا حبّذا المحبوبة الذاكره |
خاطبها الماء و لا بدعة |
فإنّها يا بردى ساحره |
حدّث عن الماضي و أعراسه |
و عن صروف الزمن الغادره |
و عن جدود فيك ميمونة |
و عن جدود بعدها عاثره |
و عن عروش حسدت مجدها |
في الأفق هذي الأنجم الزاهره |
و اتل على ميّ رواياتهم |
فإنّها مبكية زاجره |
*** |
|
يا بعلبك ابتسمي إنّها |
ميّ و سرب الغانيات الدمى |
و استقبلي الوحي فوحي النّهى |
سلّم في السرب الذي سلّما |
بنيانك الخالد ما باله |
أصبح لغزا غامضا مبهما |
ها شاده أهل الثرى معجزا |
أم شاده في الأرض أهل السما |
لم يدر هذا العصر من سرّه |
شيئا فما أبهى و ما أعظما |
و اخجل الإنسان في كبره |
لا كرّم الحقّ و لا كرّما |
لقد سما الأجداد من قبله |
كما سما أو فوق ما قد سما |
هل عنده من يبتني تذمرا |
أمغرما في الفنّ أو مرغما |
فقدسيّ مبدعها مالكا |
لا ينقض الأمر إذا صمّما |
واتلي على ميّ أعاجبه |
فالمرء مذكور بما قدّما |
*** |
|
يا ميّ ، و الأرزاق مقسومة |
سبحان من قسّمها في الأنام |
من مصر لبّيت نداء الهوى |
فزرت لبنان و زرت الشام |
ثمّ تهاديت على سابح |
ممتنع الجانب عند الصدام |
تبغين أرض النيل مشتاقة |
لمنهل عذب و أهل كرام |
قبر ((التنوخي)) الطّهور الثرى |
ما ضرّ لو حيّيته بالسّلام |
ما أحوج القبر إلى دمعة |
من جفن ميّ لا جفون الغمام |
فابكي على القبر الذي ضيّعت |
أمجاده الفرقة و الإنقسام |
و اتلي على القوم أحاديثه |
فإنّ فيها عبرة للأنام |