الحفيد الأزرق محمد الماغوط

بردى...

كل هذه القصائد والمدائح وأفواج السياح والمصورين وزغاريد

النوافذ بمبادرة مني وعلى مسؤوليتي

ولا كلمة شكر أو امتنان؟

بل بالعكس...

كل البيوت مضاءة إلا بيتي

وكل الأشجار مثمرة إلا أشجاري

كل الطيور مغردة إلا طيوري

كل السحب ممطرة إلا سحبي

كل الأبواب تقرع إلا بابي

لم لا تختمه بالشمع الأحمر وتريحني؟

وهو موجود عندي بكل الأنواع

لأنني أصلاً لا أملك إلا الشموع والدهاليز!!

*

ومع ذلك لو انصرف عنك الجميع

لن أفارقك كما تتصورين

وسأبقى معك وجهاً لوجه

لا كعاشق بل كمحقق

كما فعلوا معي من قبل

على مرأى منك ومن ضفافك

سأنزع أعشابك واحدة واحدة كالأظافر

وأحرق ضفتيك بأعقاب اللفائف

وأنا مدخن شره كما تعلم

ولن تنجدك "دمشق"

ولن تفتديك بحصاة من أرصفتها

وماذا فعلت لك عندما جف ماؤك وتكشف قاعك الموحل

والخجل أمام الغادي والرائح؟

*

بردى...

أيها الحسين المتناثر هنا وهناك

سأستردك من النوافير والصنابير والأقداح وقدور الحساء في المطابخ

ومطرات الجنود في المعارك

وغرف الإغماء والإنعاش في السجوب والمستشفيات

لأرد لك اعتبارك على طريقتي

وكما يريد شوقي والأخطل ونزار وسعيد عقل

لا أصحاب وزبائن المرابع والزرائب الليلية!

ولن أحرمك من هذا الزهو أبداً...

ولكن كيف أمددك لتأخذك راحتك

وفي أي اتجاه سيكون رأسك المعشوشب الجميل؟

على صدرها؟

أم على قدميها؟